للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الفيل]

هي خمس آيات، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ بِمَكَّةَ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الفيل (١٠٥) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤)

فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)

الِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ لِتَقْرِيرِ رُؤْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنْكَارِ عَدَمِهَا. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى أَلَمْ تُخْبِرْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَلَمْ تَعْلَمْ، وَهُوَ تَعْجِيبٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا فَعَلَهُ اللَّهُ بِأَصْحابِ الْفِيلِ الَّذِينَ قَصَدُوا تخريب الكعبة من الحبشة، و «كيف» مَنْصُوبَةٌ بِالْفِعْلِ الَّذِي بَعْدَهَا، وَمُعَلِّقَةٌ لِفِعْلِ الرُّؤْيَةِ، وَالْخِطَابُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ. وَالْمَعْنَى: قَدْ عَلِمْتَ يَا مُحَمَّدُ، أَوْ عَلِمَ النَّاسُ الْمَوْجُودُونَ فِي عَصْرِكَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ بِمَا بَلَغَكُمْ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ مِنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ وَمَا فَعَلَ اللَّهُ بِهِمْ، فَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ؟ وَالْفِيلُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْمَعْرُوفُ، وَجَمْعُهُ أَفْيَالٌ، وَفُيُولٌ، وَفِيَلَةٌ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا تقل أَفْيِلَةٌ، وَصَاحِبُهُ فَيَّالٌ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ أَيْ: أَلَمْ يَجْعَلْ مَكْرَهُمْ وَسَعْيَهُمْ فِي تَخْرِيبِ الْكَعْبَةِ وَاسْتِبَاحَةِ أَهْلِهَا فِي تَضْلِيلٍ عَمَّا قَصَدُوا إِلَيْهِ حَتَّى لَمْ يَصِلُوا إِلَى الْبَيْتِ، وَلَا إِلَى مَا أَرَادُوهُ بِكَيْدِهِمْ، وَالْهَمْزَةُ لِلتَّقْرِيرِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: قَدْ جَعَلَ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَالْكَيْدُ: هُوَ إِرَادَةُ الْمَضَرَّةِ بِالْغَيْرِ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَكِيدُوا قُرَيْشًا بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ، وَيَكِيدُوا البيت الحرام بالتخريب والهدم وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ أَيْ: أَقَاطِيعَ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا كَالْإِبِلِ الْمُؤَبَّلَةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَبَابِيلَ: جَمَاعَاتٍ فِي تَفْرِقَةٍ، يُقَالُ: جَاءَتِ الْخَيْلُ أَبَابِيلَ، أَيْ: جَمَاعَاتٍ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَحَقِيقَتُهُ أَنَّهَا جَمَاعَاتٌ عِظَامٌ، يُقَالُ: فُلَانٌ توبل عَلَى فُلَانٍ، أَيْ: تَعَظَّمَ عَلَيْهِ وَتَكَبَّرَ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْإِبِلِ، وَهُوَ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا وَاحِدَ لَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ:

وَاحِدُهُ أَبُولٌ مِثْلَ عَجُولٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَبِيلٌ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَلَمْ نَرَ أَحَدًا يَجْعَلُ لَهَا وَاحِدًا. قَالَ الْفَرَّاءُ:

لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. وَزَعَمَ الرُّؤَاسِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً، أَنَّهُ سَمِعَ فِي وَاحِدِهَا: إبّال مشدّدا. وحكى الفرّاء أيضا:

إبال بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَتْ طَيْرًا مِنَ السَّمَاءِ لَمْ يُرَ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ طَيْرٌ سُودٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ فَوْجًا فَوْجًا مَعَ كُلِّ طَائِرٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ حَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ، وَحَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ، لَا يُصِيبُ شَيْئًا إِلَّا هَشَّمَهُ. وَقِيلَ: كَانَتْ طَيْرًا خُضْرًا خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ لَهَا رُؤُوسٌ كَرُؤُوسِ السِّبَاعِ. وَقِيلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>