سِتَّةٍ مِنْهَا، وَالسَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ «١» وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَالزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُمَا الرَّضَاعِ مِنْ جُمْلَةِ النَّسَبِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» . وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً أَيْ: بَلِيغَ الْقُدْرَةِ عَظِيمَهَا، وَمِنْ جُمْلَةِ قُدْرَتِهِ الْبَاهِرَةِ خَلْقُ الْإِنْسَانِ وَتَقْسِيمُهُ إِلَى الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ قَالَ: بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ بِلَفْظِ: أَلَمْ تَرَ أَنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ الْفَجْرَ كَانَ بَيْنَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا ظِلًّا، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّمْسَ دَلِيلًا فَقَبَضَ الظِّلَّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ قَالَ: مَدُّ الظِّلِّ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً قَالَ: دَائِمًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا يَقُولُ: طُلُوعُ الشَّمْسِ ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً قَالَ: سَرِيعًا. وَأَخْرَجَ أَهْلُ السُّنَنِ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ؟ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحَيْضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتَنُ، فَقَالَ: إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» . وَفِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ كَلَامٌ طَوِيلٌ قَدِ اسْتَوْفَيْنَاهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى المنتقى. وأخرج عبد ابن حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حاتم والحاكم وصححه البيهقي فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا مِنْ عَامٍ بِأَقَلَّ مَطَرًا مِنْ عَامٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَجاهِدْهُمْ بِهِ قَالَ: بِالْقُرْآنِ. وَأَخْرَجَ ابن جرير عنه هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَعْنِي: خَلَطَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَلَيْسَ يُفْسِدُ الْعَذْبُ الْمَالِحَ وَلَيْسَ يُفْسِدُ الْمَالِحُ الْعَذْبَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَحِجْراً مَحْجُوراً يَقُولُ: حَجَرَ أحدهما على الْآخَرِ بِأَمْرِهِ وَقَضَائِهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سُئِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ «نَسَبًا وَصِهْرًا» فَقَالَ: مَا أَرَاكُمْ إِلَّا وَقَدْ عَرَفْتُمُ النِّسَبَ، وَأَمَّا الصهر: فالأختان والصحابة.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٥٥ الى ٦٧]
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ مَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩)
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠) تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً (٦١) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (٦٢) وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤)
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (٦٥) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٦٦) وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (٦٧)
(١) . النساء: ٢٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute