لِلْمَوْلُودِ مَالٌ، وَأَنْ لَا تُضَارَّ أُمُّهُ. فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ قَالَ: غَيْرُ مُسِيئِينَ فِي ظُلْمِ أَنْفُسِهِمَا وَلَا إِلَى صَبِيِّهِمَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا. وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ قَالَ: خِيفَةُ الضَّيْعَةِ عَلَى الصَّبِيِّ. فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ: حِسَابُ مَا أُرْضِعَ بِهِ الصَّبِيُّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير في تفسيره هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ قَالَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ هِيَ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: إِذا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ قَالَ: مَا أَعْطَيْتُمُ الظِّئْرَ مِنْ فَضْلٍ عَلَى أَجْرِهَا. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ قَالَ: إِنَّهَا الْمَرْأَةُ تُطَلَّقُ أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الَّتِي تَضَعُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ: أَنَّهَا تُرْضِعُ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ، وَإِذَا وَضَعَتْ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَرْضَعَتْ ثَلَاثَةً وعشرين شهرا، لتمام ثلاثين شهرا، وإذا وضعت لتسعة أشهر أرضعت إحدى وَعِشْرِينَ شَهْرًا، ثُمَّ تَلَا: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً «١» وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ: عَلَى قَدْرِ الْمَيْسَرَةِ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ: لَا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُلْقِيَ وَلَدَهَا عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُرْضِعُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَارَّهَا فَيَنْتَزِعَ مِنْهَا وَلَدَهَا وَهِيَ تُحِبُّ أَنْ تُرْضِعَهُ وَعَلَى الْوارِثِ قَالَ:
هُوَ وَلِيُّ الْمَيِّتِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَى الْوارِثِ قَالَ:
هُوَ وَارِثُ الصَّبِيِّ يُنْفِقُ عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ، وَزَادَ: إِذَا كَانَ الْمَوْلُودُ لَا مَالَ لَهُ مِثْلُ الَّذِي عَلَى وَالِدِهِ مِنْ أَجْرِ الرَّضَاعِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ نَحْوَهُ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ قَالَ: هُوَ الصَّبِيُّ. وَأَخْرَجَ وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ قَالَ: لَا يُضَارُّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ فَإِنْ أَرادا فِصالًا قَالَ: الْفِطَامُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ. قَالَ: التَّشَاوُرُ فِيمَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ، لَيْسَ لَهَا أَنْ تَفْطِمَهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يفطمه إلا أن ترضى.
وأخرجوا أيضا عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ قَالَ: أُمَّهُ أَوْ غَيْرَهَا. فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ قَالَ: إِذَا سَلَّمْتَ لَهَا أَجْرَهَا. مَا آتَيْتُمْ: مَا أَعْطَيْتُمْ.
[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٤]]
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤)
لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَاتَّصَلَ بِذِكْرِهَا ذِكْرُ الْإِرْضَاعِ عَقَّبَ ذَلِكَ بِذِكْرِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ مِثْلُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَمَعْنَى الْآيَةِ: وَالرِّجَالُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا، أَيْ: وَلَهُمْ زَوْجَاتٌ، فَالزَّوْجَاتُ يَتَرَبَّصْنَ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: تَقْدِيرُهُ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ويذرون
(١) . الأحقاف: ١٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute