السابعة وبين العرش مسيرة ستة وثلاثين ألف عَامٍ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ، عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ «١» قَالَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، وَفِي قَوْلِهِ: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَهَذَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَهُ اللَّهُ عَلَى الْكَافِرِ مِقْدَارَ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ: لَوْ قَدَّرْتُمُوهُ لَكَانَ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِنْ أَيَّامِكُمْ. قَالَ: يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْوَقْفُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ فِي سُورَةِ السَّجْدَةِ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مَا أَطْوَلَ هَذَا الْيَوْمَ! فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لِيُخَفَّفُ عَنِ الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا» .
وَفِي إِسْنَادِهِ دَرَّاجٌ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا قَالَ: «مَا قَدْرُ طُولِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إلا كقدر ما بين الظهر والعصر» . وَأَخْرَجَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي «نَوَادِرِ الْأُصُولِ» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا قال: لا تشك إِلَى أَحَدٍ غَيْرِي. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْخَطِيبُ فِي الْمُتَّفِقِ وَالْمُفْتَرِقِ، وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ قَالَ: كَدُرْدِيِّ الزَّيْتِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قَالَ:
يُبَصَّرُونَهُمْ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَتَعَارَفُونَ، ثُمَّ يَفِرُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: نَزَّاعَةً لِلشَّوى قَالَ: تَنْزِعُ أُمَّ الرأس.
[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ١٩ الى ٣٩]
إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣)
وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٢٩) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٣١) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (٣٣)
وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٣٤) أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (٣٥) فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨)
كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (٣٩)
قَوْلُهُ: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الْهَلَعُ فِي اللُّغَةِ: أَشَدُّ الْحِرْصِ وَأَسْوَأُ الْجَزَعِ وَأَفْحَشُهُ، يُقَالُ: هَلِعَ بِالْكَسْرِ فَهُوَ هَلِعٌ وَهَلُوعٌ، عَلَى التَّكْثِيرِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ الضَّجُورُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ:
وَالْمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ تَفْسِيرُ الْهَلَعِ مَا بَعْدَهُ يَعْنِي قَوْلَهُ: إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً- وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً
(١) . السجدة: ٥. [.....]