السِّتُّ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرُوا، فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ رَهْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا دَخَلَتِ السَّنَةُ السَّابِعَةُ ظَهَرَتِ الرُّومُ، فَعَابَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْمِيَتَهُ سِتَّ سِنِينَ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: فِي بِضْعِ سِنِينَ فَأَسْلَمَ عِنْدَ ذَلِكَ نَاسٌ كَثِيرٌ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لِأَبِي بَكْرٍ: «أَلَا احْتَطَّتَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ الْبِضْعَ مَا بَيْنَ ثَلَاثٍ إِلَى تِسْعٍ» . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ فِي تَارِيخِهِ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ظَهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَتْ الم غُلِبَتِ الرُّومُ قَرَأَهَا بِالنَّصْبِ:
يَعْنِي لِلْغَيْنِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ إِلَى قَوْلِهِ: يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ. قَالَ: فَفَرِحَ الْمُؤْمِنُونَ بِظُهُورٍ الرُّومِ عَلَى فَارِسَ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُفَسِّرَةٌ لِقِرَاءَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَمَنْ مَعَهُ، وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ:
سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الم غُلِبَتِ الرُّومُ يَعْنِي بِفَتْحِ الْغَيْنِ، وَإِنَّمَا هِيَ غُلِبَتْ: يَعْنِي بِضَمِّهَا، وَفِي الْبَابِ رِوَايَاتٌ وَمَا ذَكَرْنَاهُ يُغْنِي عَمَّا سِوَاهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا يَعْنِي: مَعَايِشَهُمْ مَتَى يَغْرِسُونَ، وَمَتَى يَزْرَعُونَ، وَمَتَى يَحْصُدُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ مَيْلٌ.
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ١١ الى ٢٧]
اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥)
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦) فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠)
وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢) وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣) وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥)
وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)