للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخْشَوْنَ لَهُ عِقَابًا وَلَا تَرْجُونَ لَهُ ثَوَابًا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي الْمُصَنَّفِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نَاسًا يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً لَيْسَ عَلَيْهِمْ أُزُرٌ، فَوَقَفَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً» .

وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وُجُوهُهُمَا قِبَلَ السَّمَاءِ وَأَقْفِيَتُهُمَا قِبَلَ الْأَرْضِ، وَأَنَا أَقْرَأُ بِذَلِكَ عَلَيْكُمْ آية مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، عَنِ عبد الله ابن عُمَرَ قَالَ: تُضِيءُ لِأَهْلِ السَّمَاوَاتِ كَمَا تُضِيءُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: اجْتَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ وَقَدْ كَانَ بَيْنَهُمَا بَعْضُ الْعَتَبِ فَتَعَاتَبَا فَذَهَبَ ذَلِكَ، فقال عبد الله بن عمرة لِكَعْبٍ: سَلْنِي عَمَّا شِئْتَ، فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكَ بِتَصْدِيقِ قَوْلِي مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ ضَوْءَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَهُوَ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ كَمَا هُوَ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَلَمْ تَرَوْا إِلَى قَوْلِ اللَّهِ: خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً، وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً. وَأَخْرَجَ عَبْدُ ابن حُمَيْدٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً قَالَ:

وَجْهُهُ فِي السَّمَاءِ إِلَى الْعَرْشِ وَقَفَاهُ إِلَى الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً قال: خلق فيهنّ خَلَقَهُنَّ ضِيَاءً لِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَلَيْسَ فِي السَّمَاءِ مِنْ ضَوْئِهِ شَيْءٌ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَيْضًا سُبُلًا فِجاجاً قَالَ: طُرُقًا مختلفة.

[سورة نوح (٧١) : الآيات ٢١ الى ٢٨]

قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً (٢٥)

وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً (٢٨)

قَوْلُهُ: قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي أَيِ: استمرّوا على عصياني ولم يُجِيبُوا دَعْوَتِي، شَكَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وأخبره بأنهم عصوه ولم يَتَّبِعُوهُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً أَيِ: اتَّبَعَ الْأَصَاغِرُ رُؤَسَاءَهُمْ، وَأَهْلَ الثَّرْوَةِ مِنْهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَزِدْهُمْ كَثْرَةُ الْمَالِ وَالْوَلَدِ إِلَّا ضَلَالًا فِي الدُّنْيَا وَعُقُوبَةً فِي الْآخِرَةِ. قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَعَاصِمٌ «وَوَلَدُهُ» بِفَتْحِ الْوَاوِ وَاللَّامِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِسُكُونِ اللَّامِ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الْوَلَدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ، وَمَعْنَى «وَاتَّبَعُوا» : أَنَّهُمُ اسْتَمَرُّوا عَلَى اتِّبَاعِهِمْ لَا أَنَّهُمْ أَحْدَثُوا الِاتِّبَاعَ وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً أَيْ: مَكْرًا كِبِيرًا عَظِيمًا، يُقَالُ: كَبِيرٌ وَكُبَارٌ وَكُبَّارٌ، مِثْلُ عَجِيبٍ وَعُجَابٍ وَعُجَّابٍ، وَجَمِيلٍ وَجُمَالٍ وَجُمَّالٍ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: كُبَّارًا بِالتَّشْدِيدِ لِلْمُبَالَغَةِ، وَمِثْلُ كُبَّارًا:

قُرَّاءٌ لِكَثِيرِ الْقِرَاءَةِ، وَأَنْشَدَ ابْنُ السِّكِّيتِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>