للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ قَالَ: أَخْبَرَ اللَّهُ مَا الْعِبَادُ قَائِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَقُولُوا، وَعَلَّمَهُمْ قبل أن يعلموا.

[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٦٢ الى ٧٢]

اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٦٣) قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (٦٤) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦)

وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٦٩) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ (٧٠) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (٧١)

قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢)

قَوْلُهُ: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَائِنًا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ شَيْءٍ وَشَيْءٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْأَنْعَامِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ أَيِ: الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مَوْكُولَةٌ إِلَيْهِ فَهُوَ الْقَائِمُ بِحِفْظِهَا وَتَدْبِيرِهَا مِنْ غَيْرِ مُشَارِكٍ لَهُ لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْمَقَالِيدُ وَاحِدُهَا مِقْلِيدٌ وَمِقْلَادٌ أَوْ لَا وَاحِدَ لَهُ من لفظه كأساطير، وهي مفاتيح السموات وَالْأَرْضِ، وَالرِّزْقِ وَالرَّحْمَةِ. قَالَهُ مُقَاتِلٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْمِقْلَادُ الْخِزَانَةُ، وَمَعْنَى الْآيَةِ لَهُ خزائن السموات وَالْأَرْضِ، وَبِهِ قَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ. وَقِيلَ: خَزَائِنُ السموات: الْمَطَرُ، وَخَزَائِنُ الْأَرْضِ: النَّبَاتُ. وَقِيلَ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ وَحِفْظِهِ لَهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْإِقْلِيدُ الْمِفْتَاحُ، ثُمَّ قَالَ: وَالْجَمْعُ مقاليد، وَقِيلَ: هِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ أَيْ: بِالْقُرْآنِ وَسَائِرِ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَوْحِيدِهِ، وَمَعْنَى الْخَاسِرُونَ: الْكَامِلُونَ فِي الْخُسْرَانِ لِأَنَّهُمْ صَارُوا بِهَذَا الْكُفْرِ إِلَى النَّارِ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ الِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ التَّوْبِيخِيِّ، وَالْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ كنظائره، وغير منصوب بأعبد، وأعبد معمول لتأمروني عَلَى تَقْدِيرِ أَنِ الْمَصْدَرِيَّةِ، فَلَمَّا حُذِفَتْ بَطَلَ عَمَلُهَا، وَالْأَصْلُ: أَفَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَعْبُدَ غَيْرَ اللَّهِ.

قَالَهُ الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ: مَنْصُوبًا بِتَأْمُرُونِّي، وَأَعْبُدُ: بَدَلٌ مِنْهُ بَدَلَ اشْتِمَالٍ، وَأَنْ مُضْمَرَةٌ مَعَهُ أَيْضًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَنْصُوبَةً بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: أَفَتُلْزِمُونِي غَيْرَ اللَّهِ، أَيْ: عِبَادَةَ غَيْرِ اللَّهِ، أَوْ أَعْبُدُ غير الله أعبد. أمره الله سُبْحَانَهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا لِلْكُفَّارِ لَمَّا دَعَوْهُ إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وقالوا هو

<<  <  ج: ص:  >  >>