للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ قَالَ: الثَّابِتِينَ عَلَى دِينِهِمْ أَبَا بَكْرٍ وَأَصْحَابَهُ، فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ:

كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَمِيرَ الشَّاكِرِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَاللَّهِ لَا نَنْقَلِبُ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ، وَاللَّهِ لَئِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ، لَأُقَاتِلَنَّ عَلَى مَا قُتِلَ عَلَيْهِ حَتَّى أَمُوتَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: رِبِّيُّونَ قَالَ: أُلُوفٌ.

وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: الرِّبَّةُ الْوَاحِدَةُ أَلْفٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رِبِّيُّونَ قَالَ: جُمُوعٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قَالَ: عُلَمَاءُ كَثِيرٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَمَا اسْتَكانُوا قَالَ: تَخَشَّعُوا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا قَالَ: خَطَايَانَا.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٤٩ الى ١٥٣]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (١٤٩) بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (١٥٠) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (١٥١) وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَراكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى مَا فاتَكُمْ وَلا مَا أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٥٣)

لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالِاقْتِدَاءِ بِمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أَنْصَارِ الأنبياء حذر عن طاعة الكفار، وهم مشركوا الْعَرَبِ وَقِيلَ: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَقِيلَ: الْمُنَافِقُونَ فِي قَوْلِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ ارْجِعُوا إِلَى دِينِ آبائكم. وقوله:

يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ أي: يخرجونكم مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ أَيْ: تَرْجِعُوا مَغْبُونِينَ. وَقَوْلُهُ: بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ إِضْرَابٌ عَنْ مَفْهُومِ الْجُمْلَةِ الْأُولَى، أَيْ: إِنْ تُطِيعُوا الْكَافِرِينَ يَخْذُلُوكُمْ، وَلَا يَنْصُرُوكُمْ، بَلِ اللَّهُ نَاصِرُكُمْ، لَا غَيْرُهُ وَقُرِئَ: «بَلِ اللَّهَ» بِالنَّصْبِ، عَلَى تَقْدِيرِ: بَلْ أَطِيعُوا اللَّهَ. قَوْلُهُ: سَنُلْقِي قَرَأَ السَّخْتِيَانِيُّ: بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِالنُّونِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ:

الرُّعْبَ بِضَمِّ الْعَيْنِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالسُّكُونِ وَهُمَا لُغَتَانِ، يُقَالُ: رَعَبْتُهُ رُعْبًا وَرُعُبًا فَهُوَ مَرْعُوبٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا، وَالرُّعُبُ بِالضَّمِّ: الِاسْمُ، وَأَصْلُهُ: الْمَلْءُ، يُقَالُ: سَيْلٌ رَاعِبٌ، أَيْ: يَمْلَأُ الْوَادِيَ، وَرَعَبْتُ الْحَوْضَ: مَلَأْتُهُ، فَالْمَعْنَى: سَنَمْلَأُ قُلُوبَ الْكَافِرِينَ رُعْبًا، أَيْ: خَوْفًا وَفَزَعًا، وَالْإِلْقَاءُ يُسْتَعْمَلُ حَقِيقَةً فِي الْأَجْسَامِ، وَمَجَازًا فِي غَيْرِهَا كَهَذِهِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ نَدِمُوا أَنْ لَا يَكُونُوا اسْتَأْصَلُوا الْمُسْلِمِينَ، وَقَالُوا: بِئْسَمَا صَنَعْنَا قَتَلْنَاهُمْ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ تَرَكْنَاهُمْ، ارْجِعُوا فَاسْتَأْصِلُوهُمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>