فِي قَوْلِهِ: إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ قَالَ: يَظْلِمُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: شُرَّعاً يَقُولُ:
مِنْ كُلِّ مَكَانٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: ظَاهِرَةً عَلَى الْمَاءِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ قَالَ: وَارِدَةً.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ: هِيَ قَرْيَةٌ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ بَيْن مِصْرَ وَالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا أَيْلَةُ، فَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْحِيتَانَ يَوْمَ سَبْتِهِمْ فَكَانَتْ تَأْتِيهِمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا فِي سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَإِذَا مَضَى يَوْمُ السَّبْتِ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهَا، فَمَكَثُوا كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ إِنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ أَخَذُوا الْحِيتَانَ يَوْمَ سَبْتِهِمْ فَنَهَتْهُمْ طَائِفَةٌ، فَلَمْ يَزْدَادُوا إِلَّا غَيًّا. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ النُّهَاةِ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ وَكَانُوا أَشَدَّ غَضَبًا مِنَ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى وَكُلٌّ قَدْ كَانُوا يَنْهَوْنَ، فَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمْ غَضَبُ اللَّهِ نَجَتْ الطَّائِفَتَانِ اللَّتَانِ قَالُوا لِمَ تَعِظُونَ وَالَّذِينَ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَأَهْلَكَ اللَّهُ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ الَّذِينَ أَخَذُوا الْحِيتَانَ فَجَعَلَهُمْ قِرَدَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ أَنَّهُمْ ثَلَاثُ فِرَقٍ: فِرْقَةُ العصاة، وفرقة الناهون، وفرقة القائلون لِمَ تَعِظُونَ فَمَا نَجَا إِلَّا الَّذِينَ نَهَوْا وَهَلَكَ سَائِرُهُمْ، فَأَصْبَحَ الَّذِينَ نَهَوْا ذَاتَ غَدَاةٍ فِي مَجَالِسِهِمْ يَتَفَقَّدُونَ النَّاسَ لَا يَرَوْنَهُمْ، وَقَدْ بَاتُوا مِنْ لَيْلَتِهِمْ وَغَلَّقُوا عَلَيْهِمْ دُورَهُمْ. فَجَعَلُوا يَقُولُونَ إِنَّ لِلنَّاسِ لَشَأْنًا فَانْظُرُوا مَا شَأْنُهُمْ؟ فَاطَّلَعُوا فِي دَوْرِهِمْ فَإِذَا الْقَوْمُ قَدْ مُسِخُوا يَعْرِفُونَ الرَّجُلَ بِعَيْنِهِ وَإِنَّهُ لَقِرْدٌ، وَالْمَرْأَةَ بِعَيْنِهَا وَإِنَّهَا لَقِرْدَةٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سننه عن عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَفِي آخِرِهَا أَنَّهُ قَالَ: فَأَرَى الَّذِينَ نَهَوْا قَدْ نَجَوْا وَلَا أَرَى الْآخَرِينَ ذُكِرُوا، وَنَحْنُ نَرَى أَشْيَاءَ نُنْكِرُهَا وَلَا نَقُولُ فِيهَا. قَالَ عِكْرِمَةُ: فَقُلْتُ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَدْ كَرِهُوا مَا هُمْ عَلَيْهِ وَخَالَفُوهُمْ، وَقَالُوا: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ قَالَ:
فَأَمَرَ بِي فَكُسِيتُ ثَوْبَيْنِ غَلِيظَيْنِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا قَالَ: نَجَا النَّاهُونَ وَهَلَكَ الْفَاعِلُونَ، وَلَا أَدْرِي مَا صُنِعَ بِالسَّاكِتِينَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ قَالَ: وَاللَّهِ لَأَنْ أَكُونَ عَلِمْتُ أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ قَالُوا لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً نَجَوْا مَعَ الَّذِينَ نَهَوْا عَنِ السُّوءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عَدَلَ بِهِ. وَفِي لَفْظٍ: مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ. وَلَكِنْ أَخَافَ أَنْ تَكُونَ الْعُقُوبَةُ نَزَلَتْ بِهِمْ جَمِيعًا.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا أَدْرِي أَنَجَا الَّذِينَ قَالُوا:
لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَمْ لَا؟ قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَبْصُرُهُ حَتَّى عَرَفَ أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فَكَسَانِي حُلَّةً.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ قَالَ: مُسِخُوا حِجَارَةً الَّذِينَ قَالُوا: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بِعَذابٍ بَئِيسٍ قال: أليم وجيع.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٦٧ الى ١٧٠]
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٧) وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٦٨) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦٩) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute