للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقَالُ: عَبَّدْتُهُ وَأَعْبَدْتُهُ بِمَعْنًى. كَذَا قَالَ الْفَرَّاءُ، وَمَحَلُّهُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ بَدَلٌ مِنْ نِعْمَةٍ، وَالْجَرُّ بِإِضْمَارِ الْبَاءِ، وَالنَّصْبُ بِحَذْفِهَا.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ قَالَ: ذَلِيلِينَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ قَالَ: قَتْلُ النَّفْسِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ قَالَ: لِلنِّعْمَةِ، إِنَّ فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ لِيَعْلَمَ مَا الْكُفْرُ؟ وَفِي قَوْلِهِ: فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ قَالَ: مِنَ الْجَاهِلِينَ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ قَالَ: قَهَرْتَهُمْ، وَاسْتَعْمَلْتَهُمْ.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٣ الى ٥١]

قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ (٢٥) قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦) قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧)

قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨) قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (٢٩) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (٣٠) قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (٣٢)

وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣) قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَماذا تَأْمُرُونَ (٣٥) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٣٦) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (٣٧)

فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٣٨) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٩) لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (٤٠) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٢)

قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣) فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ (٤٤) فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (٤٥) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (٤٦) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٤٧)

رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (٤٨) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (٤٩) قالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١)

لَمَّا سَمِعَ فِرْعَوْنُ قَوْلَ مُوسَى وَهَارُونَ: نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ

قَالَ مُسْتَفْسِرًا لَهُمَا عَنْ ذَلِكَ، عَازِمًا عَلَى الِاعْتِرَاضِ لِمَا قَالَاهُ، فَقَالَ: وَما رَبُّ الْعالَمِينَ أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ هُوَ؟ جَاءَ فِي الِاسْتِفْهَامِ بِمَا الَّتِي يُسْتَفْهَمُ بِهَا عَنِ الْمَجْهُولِ، وَيُطْلَبُ بِهَا تَعْيِينُ الْجِنْسِ، فَلَمَّا قَالَ فِرْعَوْنُ ذَلِكَ قالَ مُوسَى رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا فَعَيَّنَ لَهُ مَا أَرَادَ بِالْعَالَمِينَ، وَتَرَكَ جَوَابَ مَا سَأَلَ عَنْهُ فِرْعَوْنُ، لِأَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ جِنْسِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا جِنْسَ لَهُ، فَأَجَابَهُ مُوسَى بِمَا يَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ الْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي تَتَّضِحُ لِكُلِّ سَامِعٍ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ الرَّبُّ وَلَا رَبَّ غَيْرُهُ إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ فَهَذَا أَوْلَى بِالْإِيقَانِ قالَ فِرْعَوْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>