للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سورة الصّفّ

وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نزلت سُورَةُ الصَّفِّ بِالْمَدِينَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ النَّحَّاسُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الصَّفِّ بِمَكَّةَ، وَلَعَلَّ هَذَا لَا يَصِحُّ عَنْهُ. وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهَا مَدَنِيَّةً ما أخرجه أحمد عن عبد الله ابن سَلَامٍ قَالَ: تَذَاكَرْنَا أَيَّكُمْ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْأَلُهُ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ مِنَّا، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا رَجُلًا رَجُلًا فَجَمَعَنَا، فَقَرَأَ عَلَيْنَا هَذِهِ السُّورَةَ يَعْنِي سُورَةَ الصَّفِّ كُلَّهَا، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ السُّورَةُ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ:

صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَالسُّنَنِ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الصف (٦١) : الآيات ١ الى ٩]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (٤)

وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥) وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٨) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩)

قَوْلُهُ: سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا، وَوَجْهُ التَّعْبِيرِ فِي بَعْضِ السُّوَرِ بلفظ الماضي كهذه السورة، وفي بعضها بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ، وَفِي بَعْضِهَا بِلَفْظِ الْأَمْرِ: الْإِرْشَادُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّسْبِيحِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ مَاضِيهَا وَمُسْتَقْبَلِهَا وَحَالِهَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا نَحْوَ هَذَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحَدِيدِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أَيُ: الْغَالِبُ الَّذِي لَا يُغَالَبُ، الْحَكِيمُ فِي أَفْعَالِهِ وأقواله، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ، أَيْ: لِمَ تَقُولُونَ مِنَ الْخَيْرِ مَا لَا تَفْعَلُونَهُ، وَ «لِمَ» مركبة من اللام الجارّة، وما الِاسْتِفْهَامِيَّةُ، وَحُذِفَتْ أَلِفُهَا تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا كَمَا فِي نَظَائِرِهَا، ثُمَّ ذَمَّهُمْ سُبْحَانَهُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ أَيْ: عَظُمَ ذَلِكَ فِي الْمَقْتِ، وَهُوَ الْبُغْضُ، وَالْمَقْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>