للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَتَ الْإِشَارَةُ مِنَ التِّرْمِذِيِّ إِلَى ضَعْفِ إِسْنَادِهِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا، فهذه الألفاظ كلها منكرة بعيدة من كَلَامِ مَنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَذَكَرَهُ الْخَطِيبُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ. وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْخَطِيبُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِأَخْصَرَ مِنْهُ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُورَةِ يس: «لَوَدِدْتُ أَنَّهَا فِي قَلْبِ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ أُمَّتِي» وَإِسْنَادُهُ هَكَذَا: قال حدثنا سلمة ابن شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ قَالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم:

«من دوام عَلَى قِرَاءَةِ يس كُلَّ لَيْلَةٍ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدًا» . وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ قَرَأَ يس حِينَ يُصْبِحُ أُعْطِيَ يُسْرَ يَوْمِهِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي صَدْرِ لَيْلَتِهِ أُعْطِيَ يُسْرَ لَيْلَتِهِ حَتَّى يُصْبِحَ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة يس (٣٦) : الآيات ١ الى ١٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤)

تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٧) إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (٩)

وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠) إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (١٢)

قَوْلُهُ: يس قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِسُكُونِ النُّونِ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَحَفْصٌ وَقَالُونُ وَوَرْشٌ بِإِدْغَامِ النُّونِ فِي الْوَاوِ الَّذِي بَعْدَهَا، وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ بِفَتْحِ النُّونِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ بِكَسْرِهَا، فَالْفَتْحُ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ فِعْلٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ: اتْلُ يس، وَالْكَسْرُ عَلَى الْبِنَاءِ أَيْضًا كَجَيْرِ، وَقِيلَ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ لِلْفِرَارِ مِنِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وَأَمَّا وَجْهُ قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِالسُّكُونِ لِلنُّونِ، فَلِكَوْنِهَا مَسْرُودَةً عَلَى نَمَطِ التَّعْدِيدِ فَلَا حَظَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ. وَقَرَأَ هَارُونُ الْأَعْوَرُ ومحمّد بن السميقع وَالْكَلْبِيُّ بِضَمِّ النُّونِ عَلَى الْبِنَاءِ كَمُنْذُ وَحَيْثُ وَقَطُّ، وَقِيلَ: عَلَى أَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هَذِهِ يس، وَمُنِعَتْ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ.

وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ، فَقِيلَ: مَعْنَاهَا يَا رَجُلُ، أَوْ يَا إِنْسَانُ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْوَقْفُ عَلَى يس حَسَنٌ لِمَنْ قَالَ هُوَ افْتِتَاحٌ لِلسُّورَةِ، وَمَنْ قَالَ مَعْنَاهُ يَا رَجُلُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُ:

هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ محمّد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ دَلِيلُهُ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ وَمِنْهُ قَوْلُ السَّعْدِ الْحِمْيَرِيِّ:

يَا نَفْسُ لَا تَمْحَضِي بِالنُّصْحِ جَاهِدَةً ... عَلَى الْمَوَدَّةِ إِلَّا آلَ يَاسِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>