للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الانفطار]

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وَالنَّحَّاسُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَامَ مُعَاذٌ فَصَلَّى الْعِشَاءَ فَطَوَّلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ أَيْنَ أَنْتَ عَنْ: سبّح اسم ربك الأعلى، والضحى، وإذا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ» وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلَكِنْ بِدُونُ ذِكْرِ إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهَا النَّسَائِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ التَّكْوِيرِ حَدِيثُ: «مِنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَأْيَ عَيْنٍ فَلْيَقْرَأْ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت» .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الانفطار (٨٢) : الآيات ١ الى ١٩]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤)

عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥) يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩)

وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)

يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (١٦) وَما أَدْراكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْراكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)

قَوْلُهُ: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: انْفِطَارُهَا: انْشِقَاقُهَا، كَقَوْلِهِ:

وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا «١» وَالْفِطْرُ: الشِّقُّ، يُقَالُ: فَطَرْتُهُ فَانْفَطَرَ، وَمِنْهُ فَطَرَ نَابُ الْبَعِيرِ إِذَا طَلَعَ، قِيلَ: وَالْمُرَادُ أَنَّهَا انْفَطَرَتْ هُنَا لِنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ مِنْهَا، وَقِيلَ: انْفَطَرَتْ لِهَيْبَةِ اللَّهِ، وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ أَيْ: تَسَاقَطَتْ مُتَفَرِّقَةً، يُقَالُ: نَثَرْتُ الشَّيْءَ أَنْثُرُهُ نَثْرًا. وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ أي: بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا، وَاخْتَلَطَ الْعَذْبُ مِنْهَا بِالْمَالِحِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَى فُجِّرَتْ: ذَهَبَ مَاؤُهَا وَيَبِسَتْ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السُّورَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ، وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ أَيْ: قُلِبَ تُرَابُهَا وَأُخْرِجَ الْمَوْتَى الَّذِينَ هُمْ فِيهَا، يُقَالُ: بَعْثَرَ يُبَعْثِرُ بَعْثَرَةً إِذَا قَلَبَ التُّرَابَ، وَيُقَالُ: بَعْثَرَ الْمَتَاعَ:

قَلَبَهُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ، وَبَعْثَرْتُ الْحَوْضَ وَبَحْثَرْتُهُ إِذَا هَدَمْتُهُ وَجَعَلْتُ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: بعثرت: أخرجت مَا فِي بَطْنِهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَذَلِكَ من أشراط الساعة أن تخرج الأرض ذهبا وفضتها. ثم ذكر سبحانه


(١) . الفرقان: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>