بكر غار ثور، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يُبْصِرُ مَوْضِعَ قَدَمِهِ لَأَبْصَرَنِي وَإِيَّاكَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ؟! إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ سَكِينَتَهُ عَلَيْكَ وَأَيَّدَنِي بِجُنُودٍ لَمْ يَرَوْهَا» . وَأَخْرَجَ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ قَالَ: عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ كَانَتْ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى قَالَ: هِيَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ مِنْ بَرَاءَةٌ انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا ثُمَّ نَزَلَ أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: خِفافاً وَثِقالًا قَالَ: نَشَاطًا وَغَيْرَ نَشَاطٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الْحَكَمِ فِي الْآيَةِ قَالَ: مَشَاغِيلَ وَغَيْرَ مَشَاغِيلَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: فِتْيَانًا وَكُهُولًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
شَبَابًا وشيوخا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالُوا إِنَّ فِينَا الثَّقِيلَ وَذَا الْحَاجَةِ وَالضَّيْعَةِ وَالشُّغْلِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا وَأَبَى أَنْ يَعْذِرَهُمْ دُونَ أَنْ يَنْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا، وَعَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السدي قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ زَعَمُوا أَنَّهُ الْمِقْدَادُ، وَكَانَ عَظِيمًا سَمِينًا، فَشَكَا إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فَأَبَى، فَنَزَلَتْ: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ اشْتَدَّ عَلَى النَّاسِ شَأْنُهَا فَنَسَخَهَا اللَّهُ، فَقَالَ: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ: أَلَا تَغْزُو بَنِي الْأَصْفَرِ لَعَلَّكَ أَنْ تُصِيبَ ابْنَةَ عَظِيمِ الرُّومِ؟
فَقَالَ رَجُلَانِ: قَدْ عَلِمْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَّ النِّسَاءَ فِتْنَةٌ فَلَا تَفْتِنَّا بِهِنَّ فَأْذَنْ لَنَا، فأذن لهما، فلما انطلقا قَالَ أَحَدُهُمَا: إِنْ هُوَ إِلَّا شَحْمَةٌ لِأَوَّلِ آكِلٍ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ، فلما كان ببعض الطريق نزل عليه وهو على بعض المياه لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَنَزَلَ عَلَيْهِ:
عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ وَنَزَلَ عَلَيْهِ: إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَنَزَلَ عَلَيْهِ: إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً قَالَ: غَنِيمَةً قَرِيبَةً، وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ قَالَ: الْمَسِيرُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قتادة قَوْلِهِ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ قَالَ: لَقَدْ كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ، وَلَكِنْ كَانَ تَبْطِئَةً مِنْ عند أنفسهم، وزهادة في الجهاد.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٤٣ الى ٤٩]
عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (٤٣) لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥) وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ (٤٦) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧)
لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كارِهُونَ (٤٨) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٤٩)