مِنْ أَيْنَ لِي هَذَا، فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ» . وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَما أَلَتْناهُمْ قَالَ: مَا نَقَصْنَاهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ لَا لَغْوٌ فِيها يَقُولُ:
بَاطِلٌ وَلا تَأْثِيمٌ يَقُولُ: كَذِبٌ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ اشْتَاقُوا إِلَى الْإِخْوَانِ، فَيَجِيءُ سَرِيرُ هَذَا حَتَّى يُحَاذِيَ سَرِيرَ هَذَا، فَيَتَحَدَّثَانِ فَيَتَّكِئُ ذَا وَيَتَّكِئُ ذَا فيتحدّثان بما كانوا في الدنيا، فيقول أحد هما: يَا فُلَانُ تَدْرِي أَيَّ يَوْمٍ غَفَرَ اللَّهُ لَنَا؟ يَوْمَ كُنَّا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَدَعَوْنَا اللَّهَ فَغَفَرَ لَنَا» . وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَوْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى أهل الأرض من عذاب السموم قد الْأُنْمُلَةِ لَأَحْرَقَتِ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حاتم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ قَالَ: اللَّطِيفُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ: أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَى دَارِ النَّدْوَةِ فِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمُ: احْبِسُوهُ فِي وَثَاقٍ، تربّصوا بِهِ الْمَنُونَ حَتَّى يَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ: زُهَيْرٌ وَالنَّابِغَةُ، إِنَّمَا هُوَ كَأَحَدِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: رَيْبَ الْمَنُونِ قَالَ: الْمَوْتُ.
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٣٥ الى ٤٩]
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩)
أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٣) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (٤٤)
فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (٤٩)
قَوْلُهُ: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ «أَمْ» هَذِهِ هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا قَبْلَهَا، وَكَمَا سَيَأْتِي فِيمَا بَعْدَهَا، أَيْ: بَلْ أَخُلِقُوا عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الْبَدِيعَةِ وَالصَّنْعَةِ الْعَجِيبَةِ مِنْ غَيْرِ خَالِقٍ لَهُمْ. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ: أَخُلِقُوا بَاطِلًا لِغَيْرِ شَيْءٍ لَا يُحَاسَبُونَ وَلَا يُؤْمَرُونَ وَلَا يُنْهَوْنَ؟! وَجَعَلَ مِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ. قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: أَمْ خُلِقُوا عَبَثًا وَتُرِكُوا سُدًى لَا يُؤْمَرُونَ وَلَا يُنْهَوْنَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَلَا أُمٍّ، فَهُمْ كَالْجَمَادِ لَا يَفْهَمُونَ وَلَا تَقُومُ عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ أَيْ: بَلْ أَيَقُولُونَ هُمُ الْخَالِقُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، فَلَا يُؤْمَرُونَ وَلَا يُنْهَوْنَ مَعَ أَنَّهُمْ يُقِرُّونَ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُمْ، وَإِذَا أَقَرُّوا لَزِمَتْهُمُ الْحُجَّةُ أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَهُمْ لَا يَدَّعُونَ ذَلِكَ فَلَزِمَتْهُمُ الْحُجَّةُ، وَلِهَذَا أَضْرَبَ عَنْ هَذَا وَقَالَ: بَلْ لَا يُوقِنُونَ أَيْ: لَيْسُوا عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْأَمْرِ، بَلْ يَخْبِطُونَ فِي ظُلُمَاتِ الشَّكِّ فِي وَعْدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَيْ: خَزَائِنُ أَرْزَاقِ الْعِبَادِ، وَقِيلَ: مَفَاتِيحُ الرَّحْمَةِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَقُولُ: أَبِأَيْدِيهِمْ مفاتيح ربك بالرسالة فيضعونها حيث شاؤوا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute