سورة الطّلاق
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وَابْنُ النَّحَّاسِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الطلاق بالمدينة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الطلاق (٦٥) : الآيات ١ الى ٥]
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (١) فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (٣) وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤)
ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (٥)
قَوْلُهُ: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ نَادَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا تَشْرِيفًا لَهُ، ثُمَّ خَاطَبَهُ مَعَ أُمَّتِهِ، أَوِ الْخِطَابُ لَهُ خَاصَّةً، وَالْجَمْعُ لِلتَّعْظِيمِ، وَأُمَّتُهُ أُسْوَتُهُ فِي ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى: إِذَا أَرَدْتُمْ تَطْلِيقَهُنَّ وَعَزَمْتُمْ عَلَيْهِ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ أَيْ: مُسْتَقْبِلَاتٍ لِعِدَّتِهِنَّ، أَوْ فِي قِبَلِ عِدَّتِهِنَّ، أَوْ لِقِبَلِ عِدَّتِهِنَّ. وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ: إِنَّ اللَّامَ فِي «لِعِدَّتِهِنَّ» بِمَعْنَى فِي، أَيْ: فِي عِدَّتِهِنَّ. وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ: لِاسْتِقْبَالِ عِدَّتِهِنَّ، وَاللَّامُ لِلتَّوْقِيتِ، نَحْوَ: لَقِيتُهُ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ كَذَا. وَالْمُرَادُ أَنْ يُطَلِّقُوهُنَّ فِي طُهْرٍ لَمْ يَقَعْ فِيهِ جِمَاعٌ ثُمَّ يُتْرَكْنَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ، فَإِذَا طَلَّقُوهُنَّ هَكَذَا فَقَدْ طَلَّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا مِنَ السُّنَّةِ فِي آخِرِ الْبَحْثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ أَيِ: احْفَظُوهَا، وَاحْفَظُوا الْوَقْتَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ حَتَّى تَتِمَّ الْعِدَّةُ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَالْخِطَابُ لِلْأَزْوَاجِ، وَقِيلَ: لِلزَّوْجَاتِ، وَقِيلَ: لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى الْعُمُومِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ الضَّمَائِرَ كُلَّهَا لَهُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ فَلَا تَعْصُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ أَيِ: الَّتِي كُنَّ فِيهَا عِنْدَ الطَّلَاقِ مَا دُمْنَ فِي الْعِدَّةِ، وَأَضَافَ الْبُيُوتَ إِلَيْهِنَّ وَهِيَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِتَأْكِيدِ النَّهْيِ، وَبَيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute