بِوَفَاةِ مَوْتٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ وَهْبٍ قَالَ: تَوَفَّى اللَّهُ عِيسَى ثَلَاثَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ حَتَّى رَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْهُ قَالَ: أَمَاتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ وَرَفَعَهُ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْهُ قَالَ: تَوَفَّى اللَّهُ عِيسَى سَبْعَ سَاعَاتٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ وَالْحَاكِمُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: رُفِعَ عِيسَى وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ وَهْبٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا قَالَ: طَهَّرَهُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَمِنْ كُفَّارِ قَوْمِهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ عَلَى فِطْرَتِهِ وَمِلَّتِهِ وَسُنَّتِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ نَحْوَهُ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَا يُبَالُونَ بِمَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ» قَالَ النُّعْمَانُ: مَنْ قَالَ إِنِّي أَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مَا لَمْ يَقُلْ فَإِنَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ: وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: النَّصَارَى فَوْقَ الْيَهُودِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ بَلَدٌ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ النَّصَارَى إِلَّا وَهُمْ فَوْقَ الْيَهُودِ فِي شَرْقٍ وَلَا غَرْبٍ، هُمْ فِي الْبُلْدَانِ كُلِّهَا مستذلّون.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٥٩ الى ٦٣]
إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (٦١) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (٦٣)
تَشْبِيهُ عِيسَى بِآدَمَ فِي كَوْنِهِ مَخْلُوقًا مِنْ غَيْرِ أَبٍ كَآدَمَ، وَلَا يَقْدَحُ فِي التَّشْبِيهِ اشْتِمَالُ الْمُشَبَّهِ بِهِ عَلَى زِيَادَةٍ وَهُوَ كَوْنُهُ لَا أُمَّ لَهُ: كَمَا أَنَّهُ لَا أَبَ لَهُ، فَذَلِكَ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنِ الْأَمْرِ الْمُرَادِ بِالتَّشْبِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشَبَّهُ بِهِ أَشَدَّ غَرَابَةً مِنَ الْمُشَبَّهِ، وَأَعْظَمَ عَجَبًا، وَأَغْرَبَ أُسْلُوبًا. وَقَوْلُهُ: خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ جُمْلَةٌ مُفَسِّرَةٌ لِمَا أُبْهِمَ فِي الْمَثَلِ، أَيْ: أَنَّ آدَمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا أُمٌّ، بَلْ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ تُرَابٍ. وَفِي ذَلِكَ دَفْعٌ لِإِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ خَلْقَ عِيسَى مِنْ غَيْرِ أَبٍ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّ آدَمَ خُلِقَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَأُمٍّ. قَوْلُهُ: ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ أَيْ: كُنْ بَشَرًا فَكَانَ بَشَرًا. وَقَوْلُهُ: فَيَكُونُ حِكَايَةَ حَالٍ مَاضِيَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا. وَقَوْلُهُ: الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مَرْفُوعٌ بِإِضْمَارِ هُوَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ اسْتِئْنَافُ كَلَامٍ، وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: مِنْ رَبِّكَ وَقِيلَ: هُوَ فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ: جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ. قَوْلُهُ: فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ الْخِطَابُ إِمَّا لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ مِنَ النَّاسِ، أَيْ: لَا يَكُنْ أَحَدٌ مِنْكُمْ مُمْتَرِيًا، أَوْ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَيَكُونُ النَّهْيُ لَهُ لِزِيَادَةِ التَّثْبِيتِ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْهُ شَكٌّ فِي ذَلِكَ، قَوْلُهُ: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ هَذَا وَإِنْ كَانَ عَامًّا فَالْمُرَادُ بِهِ: الْخَاصُّ، وَهُمُ النَّصَارَى الَّذِينَ وَفَدُوا إليه صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مِنْ نَجْرَانَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ عَلَى عُمُومِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute