الْحَسَنَةِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ قَالَ: فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُهُ، وَعَنِ الْحَسَنِ مِثْلُهُ، وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلَّمَا أَنْفَقَ الْعَبْدُ مِنْ نَفَقَةٍ فَعَلَى اللَّهِ خَلَفُهَا ضَامِنًا إِلَّا نَفَقَةً فِي بنيان أَوْ مَعْصِيَةٍ» . وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ مَرْفُوعًا بِأَطْوَلَ مِنْهُ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ» وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا وَمَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا» . وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ نَحْسًا، فَادْفَعُوا نَحْسَ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالصَّدَقَةِ» ثُمَّ قَالَ: اقْرَءُوا مَوَاضِعَ الْخَلَفِ، فَإِنِّي سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ إِذَا لَمْ تُنْفِقُوا كَيْفَ يُخْلِفُ.
وَأَخْرَجَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْمَعُونَةَ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ على قدر المؤونة» .
[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٤٣ الى ٥٠]
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا مَا هَذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ مَا آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٥) قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦) قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧)
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠)
ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ نَوْعًا آخَرَ مِنْ أَنْوَاعِ كُفْرِهِمْ، فَقَالَ: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا أَيِ: الْآيَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ حَالَ كَوْنِهَا بَيِّناتٍ وَاضِحَاتِ الدَّلَالَاتِ ظَاهِرَاتِ الْمَعَانِي قالُوا مَا هَذَا يَعْنُونَ التَّالِيَ لَهَا، وَهُوَ النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ أَيْ: أَسْلَافُكُمْ مِنَ الْأَصْنَامِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا وَقالُوا ثَانِيًا مَا هَذَا يَعْنُونَ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً أَيْ: كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَالِثًا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ أَيْ: لِأَمْرِ الدِّينِ الَّذِي جَاءَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ وَهَذَا الْإِنْكَارُ مِنْهُمْ خَاصٌّ بِالتَّوْحِيدِ، وَأَمَّا إِنْكَارُ الْقُرْآنِ وَالْمُعْجِزَةِ فَكَانَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ، وَقِيلَ: أُرِيدَ بِالْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً مَعْنَاهُ، وَبِالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ نَظْمُهُ الْمُعْجِزُ. وَقِيلَ: إِنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ إِفْكٌ، وَطَائِفَةٌ قَالُوا: إِنَّهُ سِحْرٌ، وَقِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute