للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ قَالَ: لِذِي حِجًى وَعَقْلٍ وَنُهًى. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: بِعادٍ- إِرَمَ قَالَ: يَعْنِي بِالْإِرَمِ: الْهَالِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: أَرُمَ بَنُو فُلَانٍ، ذاتِ الْعِمادِ يَعْنِي طُولُهُمْ مِثْلُ الْعِمَادِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ فَقَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَأْتِي إِلَى الصَّخْرَةِ فَيَحْمِلُهَا عَلَى كَاهِلِهِ فَيُلْقِيهَا عَلَى أَيِّ حَيٍّ» أَرَادَ فَيُهْلِكُهُمْ. وَفِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَالِحٍ رَوَاهُ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ الْمِقْدَامِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ قال: وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ: كَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ قال: الأوتاد: الجنود الذين يشدّون أَمْرَهُ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: ذِي الْأَوْتادِ قَالَ: وَتَّدَ فِرْعَوْنُ لِامْرَأَتِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ ثُمَّ جَعَلَ عَلَى ظَهْرِهَا رَحًى عَظِيمَةً حَتَّى مَاتَتْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ قَالَ: يَسْمَعُ وَيَرَى. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ قَالَ: مِنْ وَرَاءِ الصِّرَاطِ جُسُورٌ: جِسْرٌ عَلَيْهِ الْأَمَانَةُ، وَجِسْرٌ عَلَيْهِ الرحم، وجسر عليه الربّ عزّ وجلّ.

[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ١٥ الى ٣٠]

فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ (١٦) كَلاَّ بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (١٨) وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩)

وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠) كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (٢٣) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (٢٤)

فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (٢٦) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩)

وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)

لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ بِالْمِرْصَادِ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ أَحْوَالِ عِبَادِهِ عِنْدَ إِصَابَةِ الْخَيْرِ وَعِنْدَ إِصَابَةِ الشَّرِّ، وَأَنَّ مَطْمَحَ أَنْظَارِهِمْ وَمُعْظَمَ مَقَاصِدِهِمْ هُوَ الدُّنْيَا فَقَالَ: فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ أَيِ: امْتَحَنَهُ وَاخْتَبَرَهُ بِالنِّعَمِ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ أَيْ: أَكْرَمَهُ بِالْمَالِ وَوَسَّعَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ فَرِحًا بِمَا نَالَ وَسُرُورًا بِمَا أُعْطِيَ، غَيْرَ شَاكِرٍ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا خَاطِرٍ بِبَالِهِ أَنَّ ذَلِكَ امْتِحَانٌ لَهُ مِنْ رَبِّهِ وَاخْتِبَارٌ لِحَالِهِ وَكَشْفٌ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الصَّبْرِ وَالْجَزَعِ وَالشُّكْرِ لِلنِّعْمَةِ وَكُفْرَانِهَا، وَ «مَا» فِي قوله: فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ تَفْسِيرٌ لِلِابْتِلَاءِ. وَمَعْنَى أَكْرَمَنِ أَيْ: فَضَّلَنِي بِمَا أَعْطَانِي مِنَ الْمَالِ وَأَسْبَغَهُ عَلَيَّ مِنَ النِّعَمِ لِمَزِيدِ اسْتِحْقَاقِي لِذَلِكَ وَكَوْنِي مَوْضِعًا لَهُ، وَالْإِنْسَانُ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ «فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ» وَدَخَلَتِ الْفَاءُ فِيهِ لِتَضَمُّنِ أَمَّا مَعْنَى الشَّرْطِ، وَالظَّرْفُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ وَإِنْ تَقَدَّمَ لَفْظًا فَهُوَ مُؤَخَّرٌ فِي الْمَعْنَى، أَيْ: فَأَمَّا الْإِنْسَانُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِي وَقْتَ ابْتِلَائِهِ بِالْإِنْعَامِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: الْإِنْسَانُ هُوَ الْكَافِرُ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي أُمَيَّةَ بْنِ خلف،

<<  <  ج: ص:  >  >>