للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوْمُ، فَقَالَ طَلْحَةُ: قُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ الْآيَةَ. وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ قَرِينًا مِنَ الْجِنِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ قَالَ: ذَهَبَ نبيه صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَبَقِيَتْ نِقْمَتُهُ فِي عَدُوِّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ قَالَ: يَوْمَ بَدْرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طُرُقِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ قَالَ: شَرَفٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ بِمَكَّةَ وَيَعِدُهُمُ الظُّهُورَ، فَإِذَا قَالُوا لِمَنِ الْمُلْكُ بَعْدَكَ؟ أَمْسَكَ فَلَمْ يُجِبْهُمْ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ فكان إِذَا سُئِلَ قَالَ لِقُرَيْشٍ فَلَا يُجِيبُونَهُ حَتَّى قَبِلَتْهُ الْأَنْصَارُ عَلَى ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا قَالَ: اسْأَلِ الَّذِينَ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا.

[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٤٦ الى ٥٦]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ (٤٧) وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠)

وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ (٥٢) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٥٤) فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)

فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (٥٦)

لَمَّا أَعْلَمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ بِأَنَّهُ مُنْتَقِمٌ لَهُ مِنْ عَدُوِّهِ وَذَكَرَ اتِّفَاقَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى التَّوْحِيدِ أَتْبَعَهُ بِذِكْرِ قِصَّةِ مُوسَى، وَفِرْعَوْنَ وَبَيَانِ مَا نَزَلَ بِفِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ مِنَ النِّقْمَةِ فَقَالَ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وهي التسع التي تقدّم بيانها إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ الْمَلَأُ: الْأَشْرَافُ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ اسْتِهْزَاءً وَسُخْرِيَةً، وَجَوَابُ لَمَّا هُوَ إذا الفجائية، لأن التقدر: فَاجَئُوا وَقْتَ ضَحِكِهِمْ وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها أَيْ: كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ آيَاتِ مُوسَى أَكْبَرُ مِمَّا قَبْلَهَا، وَأَعْظَمُ قَدْرًا مَعَ كَوْنِ الَّتِي قَبْلَهَا عَظِيمَةً فِي نَفْسِهَا، وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِنَّ الْأُولَى تَقْتَضِي عِلْمًا، وَالثَّانِيَةَ تَقْتَضِي عِلْمًا، فَإِذَا ضُمَّتِ الثَّانِيَةُ إِلَى الْأُولَى ازْدَادَ الْوُضُوحُ، وَمَعْنَى الْأُخُوَّةِ بَيْنَ الْآيَاتِ: أَنَّهَا مُتَشَاكِلَةٌ مُتَنَاسِبَةٌ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ مُوسَى كَمَا يُقَالُ هَذِهِ صَاحِبَةُ هَذِهِ، أَيْ: هُمَا قَرِينَتَانِ فِي الْمَعْنَى، وَجُمْلَةُ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها فِي مَحَلِّ جَرٍّ صِفَةً لِآيَةٍ، وَقِيلَ الْمَعْنَى: أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْآيَاتِ إِذَا انْفَرَدَتْ ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّهَا أَكْبَرُ مِنْ سَائِرِ الْآيَاتِ، وَمِثْلُ هَذَا قول القائل:

<<  <  ج: ص:  >  >>