للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِهِ: فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ: الصَّيْحَةُ، وَفِي قَوْلِهِ: وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ قَالَ: فِي الضَّلَالَةِ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً قَالَ: قَوْمُ لُوطٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ قَالَ: ثَمُودُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ قَالَ: قَارُونُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا قَالَ: قَوْمُ نُوحٍ.

[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٤١ الى ٤٦]

مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤٢) وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ (٤٣) خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٤٤) اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (٤٥)

وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٤٦)

قَوْلُهُ: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ يُوَالُونَهُمْ، وَيَتَّكِلُونَ عَلَيْهِمْ فِي حَاجَاتِهِمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ سَوَاءٌ كَانُوا مِنَ الْجَمَادِ، أَوِ الْحَيَوَانِ، وَمِنَ الْأَحْيَاءِ أَوْ مِنَ الْأَمْوَاتِ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً فَإِنَّ بَيْتَهَا لَا يُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا لَا فِي حَرٍّ، وَلَا قُرٍّ، وَلَا مَطَرٍ، كَذَلِكَ مَا اتَّخَذُوهُ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُمْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ النَّفْعِ وَلَا تَضُرُّهُ، كَمَا أَنَّ بَيْتَ الْعَنْكَبُوتِ لَا يَقِيهَا حَرًّا، وَلَا بَرْدًا. قَالَ: وَلَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى الْعَنْكَبُوتِ، لِأَنَّهُ لَمَّا قُصِدَ بِالتَّشْبِيهِ لِبَيْتِهَا الَّذِي لَا يَقِيهَا مِنْ شَيْءٍ، شُبِّهَتِ الْآلِهَةُ الَّتِي لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ بِهِ، وَقَدْ جَوَّزَ الْوَقْفَ عَلَى الْعَنْكَبُوتِ الْأَخْفَشُ، وَغَلَّطَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ قَالَ: لِأَنَّ: اتَّخَذَتْ صِلَةٌ لِلْعَنْكَبُوتِ كَأَنَّهُ قَالَ: كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ الَّتِي اتَّخَذَتْ بَيْتًا، فَلَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى الصِّلَةِ دُونَ الْمَوْصُولِ، وَالْعَنْكَبُوتُ تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَالْجَمْعِ، وَالْمُذَكَّرِ، وَالْمُؤَنَّثِ، وَتُجْمَعُ عَلَى عَنَاكِبَ وَعَنْكَبُوتَاتٍ، وَهِيَ الدُّوَيْبَّةُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي تنسج نسجا رقيقا. وقد يقال لها: عكنباة، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

كَأَنَّمَا يَسْقُطُ مِنْ لُغَامِهَا ... بيت عكنباة عَلَى زِمَامِهَا

وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَا بَيْتَ أَضْعَفُ مِنْهُ، مِمَّا يَتَّخِذُهُ الْهَوَامُّ بيتا، ولا يدانيه في الوهي، والوهي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اتِّخَاذَهُمُ الْأَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاتِّخَاذِ الْعَنْكَبُوتِ بَيْتًا، أَوْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ لَعَلِمُوا بِهَذَا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ مَا: اسْتِفْهَامِيَّةٌ، أَوْ نَافِيَةٌ: أَوْ مَوْصُولَةٌ، وَمِنْ: لِلتَّبْعِيضِ أَوْ مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ، أَيْ:

قُلْ لِلْكَافِرِينَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَيَّ شَيْءٍ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ. وَجَزَمَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ بِأَنَّهَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ النَّفْيِ كَأَنَّهُ قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ، يَعْنِي: مَا تَدْعُونَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>