للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الفجر]

هي ثلاثون آية، وقيل: تسع وعشرون آية وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الضَّرِيسِ، وَالنَّحَّاسُ فِي نَاسِخِهِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ وَالْفَجْرِ بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَائِشَةَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: صَلَّى مُعَاذٌ صَلَاةً، فَجَاءَ رَجُلٌ فَصَلَّى مَعَهُ فَطَوَّلَ، فَصَلَّى فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا فَقَالَ: مُنَافِقٌ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ أُصَلِّي فَطَوَّلَ عَلَيَّ، فَانْصَرَفْتُ فَصَلَّيْتُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَعَلَفْتُ نَاضِحِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالْفَجْرِ، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى» .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ١ الى ١٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)

هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٥) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩)

وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (١٠) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤)

أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَمَا أَقْسَمَ بِغَيْرِهَا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْفَجْرِ الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ هُنَا فَقِيلَ:

هُوَ الْوَقْتُ الْمَعْرُوفُ، وَسُمِّيَ فَجْرًا لِأَنَّهُ وَقْتُ انْفِجَارِ الظُّلْمَةِ عَنِ النَّهَارِ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّهُ فَجْرُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ مُحَرَّمٍ لِأَنَّ مِنْهُ تَتَفَجَّرُ السَّنَةُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يُرِيدُ يَوْمَ النَّحْرِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: فَجْرُ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ قَرَنَ الْأَيَّامَ بِهِ فَقَالَ: وَلَيالٍ عَشْرٍ أي: ليال مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَبِهِ قَالَ السُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ.

وَقِيلَ الْمَعْنَى: وَصَلَاةُ الْفَجْرِ أَوْ رَبُّ الْفَجْرِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَجَوَابُ هَذَا الْقَسَمِ وَمَا بَعْدَهُ هُوَ قَوْلُهُ: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ كَذَا قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ، وَقِيلَ: مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ، أَيْ: لَيُجَازِيَنَّ كُلَّ أَحَدٍ بِمَا عَمِلَ، أَوْ لَيُعَذِّبَنَّ، وَقَدَّرَهُ أَبُو حَيَّانَ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ خَاتِمَةُ السُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهُ، أَيْ: وَالْفَجْرِ إِلَخْ ... لِإِيَابِهِمْ إِلَيْنَا وَحِسَابِهِمْ عَلَيْنَا، وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا. وَأَضْعَفُ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْجَوَابَ من قَوْلُهُ: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ وَأَنَّ هَلْ بِمَعْنَى قَدْ لِأَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُقْسَمًا عَلَيْهِ أَبَدًا وَلَيالٍ عَشْرٍ هِيَ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّهَا الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ، وَقِيلَ: الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ إِلَى عَاشِرِهَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: لَيالٍ بِالتَّنْوِينِ، وَ «عَشْرٍ» صِفَةٌ لَهَا. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَيَالِي عَشْرٍ بِالْإِضَافَةِ، قِيلَ: وَالْمُرَادُ لَيَالِي أَيَّامِ عَشْرٍ، وَكَانَ حَقُّهُ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ عشرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>