فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ قَالَ: بِأَمْرِهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: يَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ وَهُمْ يَقُولُونَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ قَتَادَةَ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ قَالَ: بِمَعْرِفَتِهِ وَطَاعَتِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا أَيْ: فِي الدُّنْيَا تَحَاقَرَتِ الدُّنْيَا فِي أَنْفُسِهِمْ، وَقَلَّتْ حِينَ عَايَنُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِي قَوْلِهِ:
وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: يعفوا عَنِ السَّيِّئَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: يَقُولُ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: نَزْغُ الشَّيْطَانِ: تَحْرِيشُهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ:
وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً قَالَ: كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّهُ دُعَاءٌ عُلِّمَهُ دَاوُدُ وَتَحْمِيدٌ وَتَمْجِيدٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَيْسَ فِيهِ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ وَلَا فَرَائِضُ وَلَا حُدُودٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: الزَّبُورُ: ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَدُعَاءٌ وَتَسْبِيحٌ. قُلْتُ: الْأَمْرُ كَمَا قَالَهُ قَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ، فَإِنَّا وَقَفْنَا عَلَى الزَّبُورِ فَوَجَدْنَاهُ خُطَبًا يَخْطُبُهَا دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيُخَاطِبُ بِهَا رَبَّهُ سُبْحَانَهُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْكَنِيسَةَ، وَجُمْلَتُهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ خُطْبَةً، كُلُّ خُطْبَةٍ تُسَمَّى مَزْمُورًا بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَسُكُونِ الزَّايِ وَضَمَّ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ وَآخِرُهُ رَاءٌ، فَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْخُطَبِ يَشْكُو دَاوُدُ إِلَى رَبِّهِ مِنْ أَعْدَائِهِ وَيَسْتَنْصِرُهُ عَلَيْهِمْ، وَفِي بَعْضِهَا يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُمَجِّدُهُ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ مِنَ النَّصْرِ عَلَيْهِمْ وَالْغَلَبَةِ لَهُمْ، وَكَانَ عِنْدَ الْخُطْبَةِ يَضْرِبُ بِالْقِيثَارَةِ، وَهِيَ آلَةٌ مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي. وَقَدْ ذَكَرَ السيوطي في «الدرّ المنثور» ها هنا رِوَايَاتٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ يَذْكُرُونَ أَلْفَاظًا وَقَفُوا عَلَيْهَا فِي الزَّبُورِ لَيْسَ لَهَا كَثِيرُ فَائِدَةٍ، فَقَدْ أَغْنَى عَنْهَا وَعَنْ غَيْرِهَا مَا اشتمل عليه القرآن من المواعظ والزواجر.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٥٦ الى ٦٠]
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (٥٦) أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً (٥٧) وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٥٨) وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (٥٩) وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً (٦٠)
قَوْلُهُ: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ هَذَا رَدٌّ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ تَمَاثِيلَ عَلَى أَنَّهَا صُوَرُ الْمَلَائِكَةِ، وَعَلَى طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ كَانُوا يَقُولُونَ بِإِلَهِيَّةِ عِيسَى وَمَرْيَمَ وَعُزَيْرٍ، فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمُ: ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ آلِهَةٌ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَقِيلَ: أَرَادَ بِالَّذِينَ زَعَمْتُمْ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ عِنْدَهُمْ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَإِنَّمَا خُصِّصَتِ الْآيَةُ بِمَنْ ذَكَرْنَا لِقَوْلِهِ: يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّ هَذَا لَا يَلِيقُ بِالْجَمَادَاتِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ أَيْ: لَا يَسْتَطِيعُونَ ذَلِكَ، وَالْمَعْبُودُ الْحَقُّ هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى كَشْفِ الضُّرِّ، وَعَلَى تَحْوِيلِهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَمِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute