للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الحجر]

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ. وَأَخْرَجَ النَّحَّاسُ فِي نَاسِخِهِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

نَزَلَتْ سُورَةُ الْحِجْرِ بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مثله.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١ الى ١٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤)

مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥) وَقالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ مَا تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (٨) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩)

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١١) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤)

لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥)

قَوْلُهُ: الر قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَحَلِّهِ مُسْتَوْفًى، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: تِلْكَ إِلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ السُّورَةُ مِنَ الْآيَاتِ وَالتَّعْرِيفُ فِي الْكِتَابُ. قِيلَ: هُوَ لِلْجِنْسِ، وَالْمُرَادُ جِنْسُ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ، وَلَا يَقْدَحُ فِي هَذَا ذِكْرُ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْكِتَابِ، فَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ جَمَعَ لَهُ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ هَذِهِ السُّورَةُ، وَتَنْكِيرُ الْقُرْآنِ لِلتَّفْخِيمِ، أَيِ: الْقُرْآنِ الْكَامِلِ رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ قَرَأَ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ مِنْ رُبَمَا. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَهْلُ الْحِجَازِ يُخَفِّفُونَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ «١» :

رُبَمَا ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ صَقِيلٍ ... بَيْنَ بُصْرَى وَطَعْنَةٍ نَجْلَاءَ

وَتَمِيمٌ وَرَبِيعَةُ يُثْقِلُونَهَا. وَقَدْ تزداد فيها التَّاءُ الْفَوْقِيَّةُ «٢» ، وَأَصْلُهَا أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي الْقَلِيلِ. وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَثِيرِ. قَالَ الْكُوفِيُّونَ: أَيْ يُودُّ الْكُفَّارُ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

رُبَّ رَفْدٍ هَرَقْتَهُ ذَلِكَ الْيَوْ ... مَ وَأَسْرَى مِنْ مَعْشَرٍ أَقْيَالِ


(١) . هو عدي بن الرعلاء الغساني.
(٢) . أي: ربّتما أو: ربتما، وكذلك بضم الراء وفتحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>