للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حاتم عن نَافِعٍ فِي قَوْلِهِ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ قَالَ: نَزَلَتْ فِي الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، قِيلَ لَهُمْ: كُونُوا مَعَ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ قَالَ: مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي الْآيَةِ قَالَ: مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَصْحَابِهِمَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: مَعَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خلّفوا.

[سورة التوبة (٩) : الآيات ١٢٠ الى ١٢١]

مَا كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١٢٠) وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢١)

في قول: مَا كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَخْ، زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ لِوُجُوبِ الْغَزْوِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْرِيمِ التَّخَلُّفِ عَنْهُ، أَيْ: مَا صَحَّ وَمَا اسْتَقَامَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ كَمُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ وَأَشْجَعَ وَأَسْلَمَ وَغِفَارٍ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَإِنَّمَا خَصَّهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُمْ قَدِ اسْتُنْفِرُوا فَلَمْ يَنْفِرُوا، بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُسْتَنْفَرُوا مَعَ كَوْنِ هَؤُلَاءِ لِقُرْبِهِمْ، وَجِوَارِهِمْ أَحَقُّ بِالنُّصْرَةِ وَالْمُتَابَعَةِ لرسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ أَيْ: وَمَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ فَيَشِحُّونَ بِهَا وَيَصُونُونَهَا، وَلَا يَشِحُّونَ بِنَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ وَيَصُونُونَهَا كَمَا شَحُّوا بِأَنْفُسِهِمْ وَصَانُوهَا، يُقَالُ:

رَغِبْتُ عَنْ كَذَا أَيْ: تَرَفَّعْتُ عَنْهُ، بَلْ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يُكَابِدُوا مَعَهُ الْمَشَاقَّ، وَيُجَاهِدُوا بَيْنَ يَدَيْهِ أَهْلَ الشِّقَاقِ، وَيَبْذُلُوا أَنْفُسَهُمْ دُونَ نَفْسِهِ وَفِي هَذَا الْإِخْبَارِ مَعْنَى الْأَمْرِ لَهُمْ مَعَ مَا يُفِيدُهُ إِيرَادُهُ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ مِنَ التَّوْبِيخِ لَهُمْ، وَالتَّقْرِيعِ الشَّدِيدِ، وَالتَّهْيِيجِ لَهُمْ، وَالْإِزْرَاءِ عَلَيْهِمْ. وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى مَا يُفِيدُهُ السِّيَاقُ مِنْ وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ: ذَلِكَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ مُثَابُونَ عَلَى أَنْوَاعِ الْمَتَاعِبِ، وَأَصْنَافِ الشَّدَائِدِ. وَالظَّمَأُ: الْعَطَشُ، وَالنَّصَبُ: التَّعَبُ، وَالْمَخْمَصَةُ: الْمَجَاعَةُ الشَّدِيدَةُ الَّتِي يَظْهَرُ عِنْدَهَا ضُمُورُ الْبَطْنِ. وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عمير ظَمَأٌ بِالْمَدِّ. وَقَرَأَ غَيْرُهُ بِالْقَصْرِ، وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ خطأ وخطاء، ولا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ. وَمَعْنَى: فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ. قَوْلُهُ: وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ أَيْ: لَا يَدُوسُونَ مَكَانًا مِنْ أَمْكِنَةِ الْكُفَّارِ بِأَقْدَامِهِمْ، أَوْ بِحَوَافِرِ خُيُولِهِمْ، أَوْ بِأَخْفَافِ رَوَاحِلِهِمْ، فَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْغَيْظُ لِلْكُفَّارِ. وَالْمَوْطِئُ: اسْمُ مَكَانٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا أَيْ: يُصِيبُونَ مَنْ عَدُوِّهِمْ قَتْلًا، أَوْ أَسْرًا، أَوْ هَزِيمَةً، أَوْ غَنِيمَةً، وَأَصْلُهُ مِنْ نِلْتُ الشَّيْءَ أَنَالُ: أَيْ أُصِيبُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَمْرٌ مَنِيلٌ مِنْهُ، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ التَّنَاوُلِ، إِنَّمَا التَّنَاوُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>