ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ قَالَ: أَكَبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ: صَرَعَهُ لِلذَّبْحِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قَالَ: كَبْشٌ أَعْيَنُ أَبْيَضُ أَقْرَنُ قَدْ رُبِطَ بِسَمُرَةٍ فِي أَصْلِ ثَبِيرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قَالَ: كَبْشٌ قَدْ رَعَى فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ قَالَ: فُدِيَ إِسْمَاعِيلُ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَعْيَنَيْنِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: نَذَرْتُ لِأَنْحَرَ نَفْسِي، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، ثُمَّ تَلَا وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، فَأَمَرَهُ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ: إِنَّمَا بُشِّرَ بِهِ نَبِيًّا حِينَ فَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الذَّبْحِ وَلَمْ تَكُنِ الْبِشَارَةُ بِالنُّبُوَّةِ عِنْدَ مَوْلِدِهِ.
وَبِمَا سُقْنَاهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الذَّبِيحِ هَلْ هُوَ إِسْحَاقُ أَوْ إِسْمَاعِيلُ، وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَقَامِ مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ، أَوْ يَتَعَيَّنُ رُجْحَانُهُ تَعَيُّنًا ظَاهِرًا، وَقَدْ رَجَّحَ كُلُّ قَوْلٍ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ الْمُنْصِفِينَ كَابْنِ جَرِيرٍ فَإِنَّهُ رَجَّحَ أَنَّهُ إِسْحَاقُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَدِلْ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِبَعْضٍ مِمَّا سُقْنَاهُ هَاهُنَا، وَكَابْنِ كَثِيرٍ فَإِنَّهُ رَجَّحَ أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ، وَجَعَلَ الْأَدِلَّةَ عَلَى ذَلِكَ أَقْوَى وَأَصَحَّ، وَلَيْسَ الأمر كما ذكره، فإنها لَمْ تَكُنْ دُونَ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الذَّبِيحَ إِسْحَاقُ لَمْ تَكُنْ فَوْقَهَا وَلَا أَرْجَحَ مِنْهَا، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ فَهُوَ إِمَّا مَوْضُوعٌ أَوْ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مُجَرَّدُ اسْتِنْبَاطَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ كَمَا أشرنا إلى ذلك فيما سبق، هي مُحْتَمَلَةٌ وَلَا تَقُومُ حُجَّةٌ بِمُحْتَمَلٍ، فَالْوَقْفُ هُوَ الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السَّلَامَةِ مِنَ التَّرْجِيحِ، بِلَا مُرَجَّحٍ، وَمِنَ الِاسْتِدْلَالِ بما هو محتمل.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١١٤ الى ١٤٨]
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ (١١٤) وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (١١٥) وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (١١٦) وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (١١٨)
وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ (١١٩) سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (١٢٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٢١) إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٢٢) وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣)
إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ (١٢٥) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (١٢٦) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٢٨)
وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٢٩) سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (١٣٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٣٢) وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣)
إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٣٥) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٣٦) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨)
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣)
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨)