فِي قَوْلِهِ: دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً قَالَ: عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ:
ادْعُ اللَّهَ يَوْمَ سَرَّائِكَ يُسْتَجَابُ لَكَ يَوْمَ ضَرَّائِكَ.
وَأَقُولُ أَنَا: أَكْثِرْ مِنْ شُكْرِ اللَّهِ عَلَى السَّرَّاءِ يَدْفَعْ عَنْكَ الضَّرَّاءَ، فَإِنَّ وَعْدَهُ لِلشَّاكِرِينَ بِزِيَادَةِ النِّعَمِ مُؤْذِنٌ بِدَفْعِهِ عَنْهُمُ النِّقَمَ، لِذَهَابِ حَلَاوَةِ النِّعْمَةِ عِنْدَ وُجُودِ مَرَارَةِ النِّقْمَةِ، اللَّهُمَّ اجْمَعْ لَنَا بَيْنَ جَلْبِ النِّعَمِ وَسَلْبِ النِّقَمِ، فَإِنَّا نَشْكُرُكَ عَدَدَ مَا شَكَرَكَ الشَّاكِرُونَ بِكُلِّ لِسَانٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَنَحْمَدُكَ عَدَدَ مَا حَمْدَكَ الْحَامِدُونَ بِكُلِّ لِسَانٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ الْآيَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالَ: صَدَقَ رَبُّنَا، مَا جَعَلَنَا خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ إِلَّا لِيَنْظُرَ إِلَى أَعْمَالِنَا، فَأَرُوا اللَّهَ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالسِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ لِأَمَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قَالَ: هَذَا قَوْلُ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا أَدْراكُمْ بِهِ أَعْلَمَكُمْ بِهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَلا أَدْراكُمْ بِهِ وَلَا أَشْعَرَكُمْ بِهِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وَلَا أَنْذَرْتُكُمْ بِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ قَالَ: لَمْ أَتْلُ عَلَيْكُمْ وَلَمْ أَذْكُرْ. وَأَخْرَجَا عَنْهُ قَالَ: لَبِثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، وَرَأَى الرُّؤْيَا سَنَتَيْنِ، وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ عَشْرَ سِنِينَ بِمَكَّةَ، وَعَشْرًا بِالْمَدِينَةِ، وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ١٧ الى ١٩]
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لَا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨) وَما كانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٩)
قَوْلُهُ: فَمَنْ أَظْلَمُ اسْتِفْهَامٌ فِيهِ مَعْنَى الْجَحْدِ، أَيْ: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ، وَزِيَادَةُ كَذِباً مَعَ أَنَّ الِافْتِرَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا كَذِبًا لِبَيَانِ أَنَّ هَذَا مَعَ كَوْنِهِ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ هُوَ كَذِبٌ فِي نَفْسِهِ. فَرُبَّمَا يَكُونُ الِافْتِرَاءُ كَذِبًا فِي الْإِسْنَادِ فَقَطْ، كَمَا إِذَا أُسْنِدَ ذَنْبُ زَيْدٍ إِلَى عَمْرٍو، ذَكَرَ مَعْنَى هَذَا أَبُو السُّعُودِ فِي تَفْسِيرِهِ، قِيلَ: وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ رَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لَمَّا طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا الْقُرْآنِ، أَوْ يُبَدِّلَهُ، فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَكَانَ مِنَ الِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ، وَلَا ظُلْمَ يُمَاثِلُ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute