للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: فِي إِسْنَادِهِ ضَعِيفٌ وَمُبْهَمٌ لَمْ يُسَمَّ، وَمِثْلُهُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدُّ الْعَبْدِ يَفْتَرِي عَلَى الْحُرِّ أَرْبَعُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قَالَ: الْعَنَتُ: الزِّنَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ قَالَ: هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ قَالَ: الزِّنَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ يَقُولُ: فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ فِيهِ يُسْرٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ قَالَ: رَخَّصَ لَكُمْ فِي نِكَاحِ الْإِمَاءِ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً قَالَ: لَوْ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِيهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ثماني آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ هُنَّ خَيْرٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ، أَوَّلُهُنَّ: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَالثَّانِيَةُ: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً وَالثَّالِثَةُ:

يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً، وَالرَّابِعَةُ: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً، وَالْخَامِسَةُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ الآية، وَالسَّادِسَةُ:

وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ

الآية، وَالسَّابِعَةُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ الْآيَةَ، وَالثَّامِنَةُ: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكانَ اللَّهُ لِلَّذِينِ عَمِلُوا مِنَ الذُّنُوبِ غَفُوراً رَحِيماً.

[سورة النساء (٤) : الآيات ٢٩ الى ٣١]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (٣٠) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١)

الْبَاطِلُ: مَا لَيْسَ بِحَقٍّ، وَوُجُوهُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، وَمِنَ الْبَاطِلِ: الْبُيُوعَاتُ الَّتِي نَهَى عَنْهَا الشَّرْعُ. والتجارة في اللغة: عبارة عن المعاوضة، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، أَيْ: لَكِنَّ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ جَائِزَةٌ بَيْنَكُمْ، أَوْ:

لَكِنَّ كَوْنَ تِجَارَةٍ عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ حَلَالًا لَكُمْ. وَقَوْلُهُ: عَنْ تَراضٍ صفة لتجارة، أَيْ: كَائِنَةً عَنْ تَرَاضٍ، وَإِنَّمَا نَصَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى التِّجَارَةِ دُونَ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْمُعَاوَضَاتِ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَهَا وَأَغْلَبَهَا، وَتُطْلَقُ التِّجَارَةُ عَلَى جَزَاءِ الْأَعْمَالِ مِنَ اللَّهِ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ «١» . وقوله: يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ «٢» .

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّرَاضِي، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَمَامُهُ وُجُوبُهُ بِافْتِرَاقِ الْأَبْدَانِ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ:

اخْتَرْ» . وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، والثوري، والأوزاعي، والليث،


(١) . الصف: ١٠.
(٢) . فاطر: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>