للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ذَلِكَ مَسِيرَةُ سَنَةٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ تَقْدِيرَاتٌ لَمْ يَأْتِ عَلَيْهَا دَلِيلٌ يَصِحُّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبً قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ قَمَصَتْ «١» وَقَالَتْ: أَيْ رَبِّ تَجْعَلُ عَلَيَّ بَنِي آدَمَ يَعْمَلُونَ عَلَيَّ الْخَطَايَا وَيَجْعَلُونَ عَلَيَّ الْخَبَثَ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ فِيهَا مِنَ الْجِبَالِ مَا تَرَوْنَ وَمَا لَا تَرَوْنَ، فَكَانَ إِقْرَارُهَا كَاللَّحْمِ تَرَجْرَجَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ قَالَ: ذَكَرًا وَأُنْثَى مِنْ كُلِّ صِنْفٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ أَيْ يُلْبِسُ اللَّيْلَ النَّهَارَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ قَالَ: يُرِيدُ الْأَرْضَ الطَّيِّبَةَ الْعَذْبَةَ الَّتِي يَخْرُجُ نَبَاتُهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا تُجَاوِرُهَا السَّبَخَةُ الْقَبِيحَةُ الْمَالِحَةُ الَّتِي لَا تُخْرِجُ، وَهُمَا أَرْضٌ وَاحِدَةٌ، وَمَاؤُهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، مِلْحٌ أَوْ عَذْبٌ، فَفُضِّلَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: قُرِئَ «مُتَجاوِراتٌ» قَرِيبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: الْأَرْضُ تُنْبِتُ حُلْوًا، وَالْأَرْضُ تُنْبِتُ حَامِضًا، وَهِيَ مُتَجَاوِرَاتٌ تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي قَوْلِهِ: صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ قَالَ: الصنوان ما كان أصله واحد وَهُوَ مُتَفَرِّقٌ، وَغَيْرُ صِنْوَانٍ الَّتِي تُنْبِتُ وَحْدَهَا، وَفِي لَفْظِ: صِنْوَانٌ النَّخْلَةُ فِي النَّخْلَةِ مُلْتَصِقَةٌ، وغير صنوان النخل المفرّق.

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صِنْوانٌ قَالَ: مُجْتَمَعُ النَّخْلِ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ وَغَيْرُ صِنْوانٍ قَالَ: النَّخْلُ الْمُتَفَرِّقُ. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْبَزَّارُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ قَالَ:

«الدَّقَلُ «٢» وَالْفَارِسِيُّ «٣» وَالْحُلْوُ وَالْحَامِضُ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ:

هَذَا حَامِضٌ، وهذا حلو، وهذا دقل، وهذا فارسي.

[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٥ الى ١١]

وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٥) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧) اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (٨) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩)

سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠) لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١)


(١) . «قمصت» : تحرّكت واضطربت.
(٢) . «الدقل» : رديء الثمر.
(٣) . «الفارسي» : نوع جيد من التمر، نسبة إلى فارس.

<<  <  ج: ص:  >  >>