للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ:

بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قال: «نزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً فَقَدَّمْتُ شَعِيرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ لَزَهِيدٌ» ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الْأُخْرَى:

أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ» .

[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ١٤ الى ٢٢]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٨)

اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١) لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢)

قَوْلُهُ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً أَيْ: وَالَوْهُمْ. قَالَ قَتَادَةُ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ تَوَلَّوُا الْيَهُودَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ: هُمُ الْيَهُودُ تُوَلَّوُا الْمُنَافِقِينَ، وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ: غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فإن المغضوب عليهم هم الْيَهُودُ، وَيَدُلُّ عَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ: مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ فَإِنَّ هَذِهِ صِفَةُ الْمُنَافِقِينَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لَا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ «١» وَجُمْلَةُ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَوْ هِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ أَيْ: يَحْلِفُونَ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ، أَوْ يَحْلِفُونَ أَنَّهُمْ مَا نَقَلُوا الْأَخْبَارَ إِلَى الْيَهُودِ، وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى تَوَلَّوْا دَاخِلَةٌ فِي حكم التعجب مِنْ فِعْلِهِمْ، وَجُمْلَةُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ بُطْلَانَ مَا حَلَفُوا عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ كَذِبٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً بِسَبَبِ هَذَا التَّوَلِّي وَالْحَلِفِ عَلَى الْبَاطِلِ إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ الْقَبِيحَةِ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «أَيْمَانَهُمْ» بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، جَمْعُ يَمِينٍ، وَهِيَ مَا كَانُوا يَحْلِفُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَذِبِ بِأَنَّهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَوَقِّيًا مِنَ الْقَتْلِ، فَجَعَلُوا هَذِهِ الْأَيْمَانَ وِقَايَةً وَسُتْرَةً دُونَ دِمَائِهِمْ، كَمَا يَجْعَلُ الْمُقَاتِلُ الْجُنَّةَ وِقَايَةً لَهُ مِنْ أَنْ يُصَابَ بِسَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ أَوْ سَهْمٍ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ: «إِيمَانَهُمْ» بكسر الهمزة، أي: جعلوا تَصْدِيقَهُمْ جُنَّةً مِنَ الْقَتْلِ، فَآمَنَتْ أَلْسِنَتُهُمْ مِنْ خَوْفِ الْقَتْلِ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ: مَنَعُوا النَّاسَ عَنِ الْإِسْلَامِ بِسَبَبِ مَا يَصْدُرُ عَنْهُمْ مِنَ التَّثْبِيطِ، وَتَهْوِينِ أمر المسلمين، وتضعيف


(١) . النساء ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>