للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة القيمة]

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وَالنَّحَّاسُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْقِيَامَةِ، وَفِي لَفْظٍ: سُورَةُ لَا أُقْسِمُ بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أُنْزِلَتْ سُورَةُ لَا أُقْسِمُ بِمَكَّةَ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ١ الى ٢٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (٣) بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (٤)

بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (٥) يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (٦) فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩)

يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلاَّ لَا وَزَرَ (١١) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣) بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤)

وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥) لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩)

كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤)

تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥)

قَوْلُهُ: لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ لَا زَائِدَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: أُقْسِمُ.

قَالَ السَّمَرْقَنْدِيُّ: أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ مَعْنَى لَا أُقْسِمُ: أُقْسِمُ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ لَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ زَائِدَةٌ، وَزِيَادَتُهَا جَارِيَةٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَمَا فِي قوله: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ «١» يعني أن تسجد، ولِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:

تَذَكَّرْتُ لَيْلَى فَاعْتَرَتْنِي صبابة ... فكاد صَمِيمُ الْقَلْبِ لَا يَتَقَطَّعُ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ رَدٌّ لِكَلَامِهِمْ حَيْثُ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ كَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتُمْ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ، كَقَوْلِ القائل: لَا، وَاللَّهِ، فَ: لَا: رَدٌّ لِكَلَامٍ قَدْ تَقَدَّمَهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ «٢» :

فَلَا وَأَبِيكِ ابْنَةَ العامريّ (م) «٣» ... لا يدّعي القوم أنّي أفرّ


(١) . الأعراف: ١٢.
(٢) . هو امرؤ القيس.
(٣) . يشير هذا الحرف إلى أن البيت مدور، يعني: أن آخر الصدر وأول العجز مشتركان في الحرف المشدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>