الرِّضَا بِالذُّلِّ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ قَالَ: كَانَ كَافِرًا ضَالًّا فَهَدَيْنَاهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً وهو الْقُرْآنُ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها يَعْنِي أَبَا جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي الْآيَةِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ كَانَا مَيِّتَيْنِ فِي ضَلَالَتِهِمَا فَأَحْيَا اللَّهُ عُمَرَ بِالْإِسْلَامِ وَأَعَزَّهُ، وَأَقَرَّ أَبَا جَهْلٍ فِي ضَلَالَتِهِ وَمَوْتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ» .
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قوله: وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها قَالَ:
نَزَلَتْ فِي الْمُسْتَهْزِئِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: سَلَّطْنَا شِرَارَهَا فَعَصَوْا فِيهَا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَهْلَكْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
أَكابِرَ مُجْرِمِيها عظماؤها. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ الْآيَةَ قَالَ: قَالُوا لِمُحَمَّدٍ حِينَ دَعَاهُمْ إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ: لَوْ كَانَ هَذَا حَقًّا لَكَانَ فِينَا مَنْ هُوَ أَحَقُّ أَنْ يُؤْتَى بِهِ مِنْ مُحَمَّدٍ وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ «١» . وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا قَالَ: أَشْرَكُوا صَغارٌ قال: هوان.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٢٥ الى ١٢٨]
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢٥) وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ مَا شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨)
قَوْلُهُ: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ الشَّرْحُ: الشَّقُّ وَأَصْلُهُ التَّوْسِعَةُ، وَشَرَحْتُ الْأَمْرَ: بَيَّنْتُهُ وَأَوْضَحْتُهُ، وَالْمَعْنَى: مَنْ يَرُدِ اللَّهُ هِدَايَتَهُ لِلْحَقِّ يُوَسِّعْ صَدْرَهُ حَتَّى يَقْبَلَهُ بِصَدْرٍ مُنْشَرِحٍ، وَمَنْ يُرِدْ إِضْلَالَهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً. قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ ضَيِّقاً بِالتَّخْفِيفِ مِثْلَ هَيْنٍ وَلَيْنٍ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ وَهُمَا لُغَتَانِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ حَرِجًا بِالْكَسْرِ، وَمَعْنَاهُ الضَّيِّقُ، كَرَّرَ الْمَعْنَى تَأْكِيدًا، وَحَسَّنَ ذَلِكَ اخْتِلَافُ اللَّفْظِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ: جَمْعُ حَرَجَةٍ وَهِيَ شِدَّةُ الضَّيِّقِ، وَالْحَرَجَةُ الغيضة، والجمع حرج
(١) . الزخرف: ٣١. [.....]