للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمَصَاحِفِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبُّوهُمْ، ثُمَّ قَرَأَتْ هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا وَهُوَ يَتَنَاوَلُ بَعْضَ الْمُهَاجِرِينَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ أَفَمِنِهُمْ أَنْتَ؟ قَالَ: لَا، ثم قرأ عليه:

وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ الْآيَةَ. ثُمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ أَفَأَنْتَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: لَا، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ:

وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ: أَفَمِنْ هَؤُلَاءِ أَنْتَ؟ قَالَ: أَرْجُو، قَالَ: لَيْسَ مِنْ هَؤُلَاءِ من سبّ هؤلاء.

[سورة الحشر (٥٩) : الآيات ١١ الى ٢٠]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١١) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (١٢) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (١٣) لَا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (١٤) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٥)

كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (١٦) فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (١٧) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (١٩) لَا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠)

لَمَّا فَرَغَ سُبْحَانَهُ مِنْ ذِكْرِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ذَكَرَ مَا جَرَى بَيْنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ مِنَ الْمُقَاوَلَةِ لِتَعْجِيبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حَالِهِمْ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا وَالْخِطَابُ لِرَسُولِ اللَّهِ، أَوْ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ، وَالَّذِينَ نَافَقُوا هُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَأَصْحَابُهُ، وَجُمْلَةُ: يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْمُتَعَجَّبِ مِنْهُ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ الصُّورَةِ، أَوْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ، وَجَعَلَهُمْ إِخْوَانًا لَهُمْ لِكَوْنِ الْكُفْرِ قَدْ جَمَعَهُمْ، وَإِنِ اخْتَلَفَ نَوْعُ كُفْرِهِمْ فَهُمْ إِخْوَانٌ فِي الْكُفْرِ، وَاللَّامُ فِي «لِإِخْوَانِهِمُ» هِيَ لَامُ التَّبْلِيغِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ بَنِي النَّضِيرِ لِبَنِي قُرَيْظَةَ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ بَنِي النَّضِيرِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ هُمْ يَهُودُ، وَالْمُنَافِقُونَ غَيْرُهُمْ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ هِيَ الْمُوَطِّئَةُ لِلْقَسَمِ، أَيْ:

وَاللَّهِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ، أَيْ: لِنَخْرُجَنَّ مِنْ دِيَارِنَا فِي صُحْبَتِكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَيْ: فِي شَأْنِكُمْ، وَمِنْ أَجْلِكُمْ أَحَداً مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يَمْنَعَنَا مِنَ الْخُرُوجِ مَعَكُمْ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَبَداً. ثُمَّ لَمَّا وَعَدُوهُمْ بِالْخُرُوجِ مَعَهُمْ وَعَدُوهُمْ بِالنُّصْرَةِ لَهُمْ، فَقَالُوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>