للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكِتَابِ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا. وَعَبَدٌ مَمْلُوكٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ لِسَيِّدِهِ» . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ الْمُسَيَّبِ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ قَوْلَهُ: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ لَمَّا امْتَنَعَ مِنَ الْإِسْلَامِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ قُرَيْشٍ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ نَتَّبِعْكَ يَتَخَطَّفْنَا النَّاسُ، فَنَزَلَتْ وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ قَالَ:

ثمرات الأرض.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٥٨ الى ٧٠]

وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ (٥٨) وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلاَّ وَأَهْلُها ظالِمُونَ (٥٩) وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٠) أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢)

قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ مَا كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ (٦٣) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ (٦٤) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَساءَلُونَ (٦٦) فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧)

وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠)

قَوْلُهُ: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ أَيْ: مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ كَانُوا فِي خَفْضِ عَيْشٍ، وَدَعَةٍ وَرَخَاءٍ، فَوَقَعَ مِنْهُمُ الْبَطَرُ فَأُهْلِكُوا. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْبَطَرُ: الطُّغْيَانُ عِنْدَ النِّعْمَةِ. قَالَ عَطَاءٌ: عَاشُوا فِي الْبَطَرِ فَأَكَلُوا رِزْقَ اللَّهِ، وَعَبَدُوا الْأَصْنَامَ. قَالَ الزَّجَّاجُ وَالْمَازِنِيُّ: مَعْنَى بَطِرَتْ مَعِيشَتَها بَطِرَتْ فِي مَعِيشَتِهَا، فَلَمَّا حُذِفَتْ «فِي» تَعَدَّى الْفِعْلُ كقوله: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ «١» وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّفْسِيرِ كَمَا تقول: أبطرك مالك وبطرته، ونظيره عنده قوله تعالى: إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ «٢» وَنَصْبُ الْمَعَارِفِ عَلَى التَّمْيِيزِ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، لِأَنَّ مَعْنَى التَّفْسِيرِ أَنْ تَكُونَ النَّكِرَةُ دَالَّةً عَلَى الْجِنْسِ. وَقِيلَ: إِنْ مَعِيشَتَهَا مَنْصُوبَةٌ ببطرت عَلَى تَضْمِينِهِ مَعْنَى جَهِلَتْ فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا أَيْ: لَمْ يسكنها أحد بعدهم إلّا زمنا قليلا،


(١) . الأعراف: ١٥٥. [.....]
(٢) . البقرة: ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>