للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة الذّاريات

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وَالنَّحَّاسُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الذَّارِيَاتِ بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ١ الى ٢٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤)

إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٦) وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩)

قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ (١١) يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤)

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ مَا آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩)

وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)

قَوْلُهُ: وَالذَّارِياتِ ذَرْواً يُقَالُ: ذَرَتِ الرِّيحُ التُّرَابَ تَذْرُوهُ ذَرْوًا وَأَذْرَتْهُ تُذْرِيهِ ذَرْيًا. أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ بِالرِّيَاحِ الَّتِي تُذْرِي التُّرَابَ، وَانْتِصَابُ ذَرْوًا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، وَالْعَامِلُ فِيهَا اسْمُ الْفَاعِلِ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ.

قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ بِإِدْغَامِ تَاءِ الذَّارِيَاتِ فِي ذَالِ ذَرْوًا، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِدُونِ إِدْغَامٍ. وَقِيلَ: الْمُقْسَمُ بِهِ مُقَدَّرٌ وَهُوَ رَبُّ الذَّارِيَاتِ وَمَا بَعْدَهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَالْحامِلاتِ وِقْراً هِيَ السَّحَابُ تَحْمِلُ الْمَاءَ كَمَا تَحْمِلُ ذَوَاتُ الْأَرْبَعِ الْوِقْرَ، وَانْتِصَابُ «وِقْراً» عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ، كَمَا يُقَالُ: حَمَلَ فُلَانٌ عِدْلًا ثَقِيلًا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: وِقْراً بِكَسْرِ الْوَاوِ اسْمُ مَا يُوقَرُ، أَيْ: يُحْمَلُ، وَقُرِئَ بِفَتْحِهَا عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ وَالْعَامِلُ فِيهِ اسْمُ الْفَاعِلِ، أَوْ عَلَى تَسْمِيَةِ الْمَحْمُولِ بِالْمَصْدَرِ مُبَالَغَةً فَالْجارِياتِ يُسْراً هِيَ السُّفُنُ الْجَارِيَةُ فِي الْبَحْرِ بِالرِّيَاحِ جَرْيًا سَهْلًا، وَانْتِصَابُ «يُسْرًا» عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، أَوْ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: جَرْيًا ذَا يُسْرٍ. وَقِيلَ: هِيَ الرِّيَاحُ، وَقِيلَ: السَّحَابُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَالْيُسْرُ: السَّهْلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً هِيَ الْمَلَائِكَةُ الَّتِي تُقَسِّمُ الْأُمُورَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: تَأْتِي بِأَمْرٍ مُخْتَلِفٍ، جِبْرِيلُ بِالْغِلْظَةِ، وَمِيكَائِيلُ صَاحِبُ الرَّحْمَةِ، وَمَلَكُ الْمَوْتِ يَأْتِي بِالْمَوْتِ، وَقِيلَ: تَأْتِي بِأَمْرٍ مُخْتَلِفٍ مِنَ الْجَدْبِ وَالْخِصْبِ وَالْمَطَرِ وَالْمَوْتِ وَالْحَوَادِثِ. وَقِيلَ: هِيَ السُّحُبُ الَّتِي يُقَسِّمُ اللَّهُ بِهَا أَمْرَ الْعِبَادِ، وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالذَّارِيَاتِ وَالْحَامِلَاتِ وَالْجَارِيَاتِ وَالْمُقَسِّمَاتِ: الرِّيَاحُ، فَإِنَّهَا تُوصَفُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَذْرُو التُّرَابَ، وَتَحْمِلُ السَّحَابَ، وَتَجْرِي فِي الْهَوَاءِ، وَتُقَسِّمُ الْأَمْطَارَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جدّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>