للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة القلم]

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَجَابِرٍ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ أَنَّ من أوّلها إِلَى قَوْلِهِ:

سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ مَكِّيٌّ، وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ: مِنَ الصَّالِحِينَ مَدَنِيٌّ، وَبَاقِيهَا مَكِّيٌّ، كَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ إِذَا نَزَلَتْ فَاتِحَةُ سُورَةٍ بِمَكَّةَ كُتِبَتْ بِمَكَّةَ ثُمَّ يَزِيدُ اللَّهُ فِيهَا مَا يَشَاءُ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا نَزَلْ مِنَ الْقُرْآنِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثُمَّ نُونُ، ثُمَّ الْمُزَّمِّلُ، ثُمَّ الْمُدَّثِّرُ.

وَأَخْرَجَ النَّحَّاسُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ ن بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهَ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة القلم (٦٨) : الآيات ١ الى ١٦]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)

فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧) فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩)

وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كانَ ذَا مالٍ وَبَنِينَ (١٤)

إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)

قَوْلُهُ: ن قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ وَوَرْشٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ وابن محيصن وهبيرة بِإِدْغَامِ النُّونِ الثَّانِيَةِ مِنْ هِجَائِهَا فِي الْوَاوِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْإِظْهَارِ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ بِالْفَتْحِ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ. وَقَرَأَ ابن عامر «١» ونصر وابن أبي إِسْحَاقَ بِكَسْرِهَا عَلَى إِضْمَارِ الْقَسَمِ، أَوْ لِأَجْلِ التقاء الساكنين، وقرأ محمد بن السّميقع وَهَارُونُ بِضَمِّهَا عَلَى الْبِنَاءِ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ الْحُوتُ الَّذِي يَحْمِلُ الْأَرْضَ، وَبِهِ قال مرّة الهمداني وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَالْكَلْبِيُّ. وَقِيلَ: إِنَّ نُونَ آخِرُ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ:

هُوَ قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هُوَ فَاتِحَةُ السُّورَةِ. وَقَالَ عَطَاءُ وَأَبُو العالية: هي النون من نصير وَنَاصِرٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: أَقْسَمَ اللَّهُ تعالى بنصره للمؤمنين، وَقِيلَ: هُوَ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ، كَالْفَوَاتِحِ الْوَاقِعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الْمُفْتَتَحَةِ بِذَلِكَ، وَقَدْ عَرَّفْنَاكَ مَا هُوَ الْحَقُّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْفَوَاتِحِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَالْقَلَمِ وَاوُ الْقَسَمِ، أَقْسَمَ اللَّهُ بِالْقَلَمِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْبَيَانِ وَهُوَ وَاقِعٌ عَلَى كُلِّ قَلَمٍ يُكْتَبُ بِهِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: الْمُرَادُ بِهِ الْقَلَمُ الَّذِي كُتِبَ بِهِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ تَعْظِيمًا لَهُ.


(١) . في تفسير القرطبي: ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>