للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذَلِكَ: أَهْلَ الْأَدْيَانِ، يَقُولُ: لِكُلٍّ قِبْلَةٌ يَرْضَوْنَهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ:

صَلُّوا نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَرَّةً، وَنَحْوَ الْكَعْبَةِ مَرَّةً أُخْرَى. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ

يَقُولُ: لَا تُغْلَبُنَّ عَلَى قِبْلَتِكُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ

قَالَ: الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ في قوله: اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ

يقول: فسارعوا في الخيرات يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً

قَالَ:

يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَنَاسٍ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ: لَمَّا صُرِفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ بَعْدَ صَلَاتِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: تَحَيَّرَ عَلَى مُحَمَّدٍ دِينُهُ، فَتَوَجَّهَ بِقِبْلَتِهِ إِلَيْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّكُمْ أَهْدَى مِنْهُ سَبِيلًا وَيُوشِكُ أَنْ يدخل في دِينَكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ قَالَ: يَعْنِي بِذَلِكَ أَهْلَ الْكِتَابِ حِينَ صُرِفَ نَبِيُّ اللَّهِ إِلَى الْكَعْبَةِ، قَالُوا: اشْتَاقَ الرَّجُلُ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ وَدِينِ قَوْمِهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:

حُجَّتُهُمْ: قَوْلُهُمْ: قَدْ أَحَبَّ قِبْلَتَنَا. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ وَمُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَالَ: الَّذِينَ ظَلَمُوا منهم: مشركو قريش أنهم سيحتجون بذلك عليهم، وَاحْتَجُّوا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ بِانْصِرَافِهِ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَقَالُوا: سَيَرْجِعُ إِلَى دِينِنَا كَمَا رَجَعَ إِلَى قِبْلَتِنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَقُولُ: كَمَا فَعَلْتُ فَاذْكُرُونِي. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ وَالدَّيْلَمِيُّ مِنْ طَرِيقِ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ يَقُولُ: اذْكُرُونِي يَا مَعْشَرَ الْعِبَادِ بِطَاعَتِي أَذْكُرْكُمْ بِمَغْفِرَتِي. وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ مِثْلَهُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هِنْدٍ الدَّارِيِّ وَزَادَ: فَمَنْ ذَكَرَنِي وَهُوَ مُطِيعٌ فَحَقٌّ عَلَيَّ أَنْ أَذْكُرَهُ بِمَغْفِرَتِي، وَمَنْ ذَكَرَنِي وَهُوَ لِي عَاصٍ فَحَقٌّ عَلَيَّ أَنْ أَذْكُرَهُ بِمَقْتٍ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَقُولُ اللَّهُ: ذِكْرِي لَكُمْ خَيْرٌ مِنْ ذِكْرِكُمْ لِي. وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفَضْلِ الشُّكْرِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٥٣ الى ١٥٧]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣) وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (١٥٤) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ (١٥٦) أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)

لَمَّا فرغ سبحانه من إرشاد عِبَادَهُ إِلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ، عَقَّبَ ذَلِكَ بِإِرْشَادِهِمْ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ، فَإِنَّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ ذِكْرِ اللَّهِ وَشُكْرِهِ، وَاسْتَعَانَ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى تَأْدِيَةِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَدَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>