أَيْضًا قَالَ: الْأَمْشَاجُ: الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى أَثَرِ الْبَوْلِ كَقِطَعِ الْأَوْتَارِ، وَمِنْهُ يَكُونُ الْوَلَدِ «١» . وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً قال: فاشيا.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَأَسِيراً قَالَ: هُوَ الْمُشْرِكُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: مِسْكِيناً قَالَ: فَقِيرًا وَيَتِيماً قَالَ:
لَا أَبَ لَهُ وَأَسِيراً قَالَ: الْمَمْلُوكُ وَالْمَسْجُونُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ الْآيَةَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَفَاطِمَةَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: يَوْماً عَبُوساً قَالَ: ضَيِّقًا قَمْطَرِيراً قَالَ: طَوِيلًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً قَالَ: يَقْبِضُ مَا بَيْنَ الْأَبْصَارِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْقَمْطَرِيرُ الرَّجُلُ الْمُنْقَبِضُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَوَجْهِهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً قَالَ: نَضْرَةً في وجوههم وسرورا في صدورهم.
[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ١٣ الى ٢٢]
مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣) وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤) وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (١٦) وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (١٧)
عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (١٨) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (١٩) وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (٢٠) عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (٢١) إِنَّ هَذَا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (٢٢)
قَوْلُهُ: مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ مَفْعُولِ جَزَاهُمْ، وَالْعَامِلُ فِيهَا جَزَى، وَلَا يَعْمَلُ فِيهَا صَبَرُوا لِأَنَّ الصَّبْرَ إِنَّمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَجَوَّزَ أَبُو البقاء أن يكون صفة لجنة. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ مُتَّكِئِينَ تَابِعًا، كَأَنَّهُ قَالَ: جَزَاهُمْ جَنَّةً مُتَّكِئِينَ فِيهَا. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الْمَدْحِ، وَالضَّمِيرُ مِنْ فِيها يَعُودُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَالْأَرَائِكُ: السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا فِي سُورَةِ الْكَهْفِ لَا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ مَفْعُولِ «جَزَاهُمْ» ، فَتَكُونُ مِنَ الْحَالِ الْمُتَرَادِفَةِ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُتَّكِئِينَ، فَتَكُونُ مِنَ الْحَالِ الْمُتَدَاخِلَةِ، أَوْ صِفَةً أُخْرَى لِلْجَنَّةِ، وَالزَّمْهَرِيرُ: أَشَدُّ الْبَرْدِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ فِي الْجَنَّةِ حَرَّ الشَّمْسِ وَلَا بَرْدَ الزَّمْهَرِيرِ، وَمِنْهُ قول الأعشى:
منعّمة طفلة كالمها ... ة لَمْ تَرَ شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرَا
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الزّمهرير: القمر بلغة طيّئ، وَأَنْشَدَ لِشَاعِرِهِمْ:
وَلَيْلَةً ظَلَامُهَا قَدِ اعْتَكَرْ ... قَطَعْتُهَا والزّمهرير ما زهر
(١) . هذان الأثران لا يستندان إلى دليل شرعي فلا يعتد بهما.