للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْآخِرَةِ: الْجَنَّةُ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَابْنُ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَّرَ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِالرُّؤْيَا الْحَبِيبَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِبِشَارَةِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الْمَوْتِ:

إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ وَلِمَنْ حَمَلَكَ إِلَى قَبْرِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ مَرْفُوعًا مِثْلَ حَدِيثِ جَابِرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا الشَّطْرَ الْأَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ بِأَنَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ مِنَ الْمُبَشِّرَاتِ، وَأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، وَلَكِنَّهَا لَمْ تُقَيَّدْ بتفسير هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُشْرَى فِي الْآيَةِ هِيَ قَوْلُهُ: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً «١» أَخْرَجَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ مِقْسَمٍ: أَنَّهَا قَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا «٢» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ بَدَّلَ كِتَابَ اللَّهِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ أَنْتَ وَلَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، لَا تبديل لكلمات الله.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٦٥ الى ٧٠]

وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥) أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٦٦) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧) قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٨) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩)

مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)

قَوْلُهُ: وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ نَهْيٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ الْحُزْنِ مِنْ قَوْلِ الْكُفَّارِ الْمُتَضَمِّنِ لِلطَّعْنِ عَلَيْهِ، وَتَكْذِيبِهِ، وَالْقَدْحِ فِي دِينِهِ، وَالْمَقْصُودِ: التَّسْلِيَةُ لَهُ وَالتَّبْشِيرُ. ثُمَّ اسْتَأْنَفَ سُبْحَانَهُ الْكَلَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلِّلًا لِمَا ذَكَرَهُ مِنَ النَّهْيِ لِرَسُولِهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً أَيِ: الْغَلَبَةُ وَالْقَهْرُ لَهُ فِي مَمْلَكَتِهِ وَسُلْطَانِهِ لَيْسَتْ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ لَهُ فَكَيْفَ يَقْدِرُونَ عَلَيْكَ حَتَّى تَحْزَنَ لِأَقْوَالِهِمُ الْكَاذِبَةِ وَهُمْ لَا يَمْلِكُونَ مِنَ الْغَلَبَةِ شَيْئًا؟ وَقُرِئَ: يُحْزِنْكَ مِنْ أَحْزَنَهُ، وَقُرِئَ: إِنَّ الْعِزَّةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى مَعْنَى: لِأَنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ، وَلَا يُنَافِي مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ جَعْلِ الْعِزَّةِ جَمِيعِهَا لِلَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ «٣» لِأَنَّ كُلَّ عِزَّةٍ بِاللَّهِ فَهِيَ كُلُّهَا لِلَّهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي «٤» إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا «٥» . أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَنْ جُمْلَتِهِمْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الْمُعَاصِرُونَ للنبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَإِذَا كَانُوا فِي مُلْكِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ كَيْفَ يَشَاءُ، فَكَيْفَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا لَا يَأْذَنُ اللَّهُ بِهِ؟ وَغَلَّبَ الْعُقَلَاءَ عَلَى غَيْرِهِمْ لِكَوْنِهِمْ أَشْرَفَ. وَفِي الْآيَةِ نعي على عبّاد البشر والملائكة والجمادات،


(١) . الأحزاب: ٤٧. [.....]
(٢) . فصلت: ٣٠.
(٣) . المنافقون: ٨.
(٤) . المجادلة: ٢١.
(٥) . غافر: ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>