الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قَالَ: الزِّنَا.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ رَاهَوَيْهِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ أَنْ تَبْذُوَ «١» الْمَرْأَةُ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ، فَإِذَا بَذَتْ عَلَيْهِمْ بِلِسَانِهَا فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ إِخْرَاجُهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي قَوْلِهِ: لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً قَالَتْ: هِيَ الرَّجْعَةُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ: أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ وَلَمْ يشهد، وأرجع وَلَمْ يُشْهِدْ. قَالَ: بِئْسَ مَا صَنَعَ، طَلَّقَ فِي بِدْعَةٍ، وَارْتَجَعَ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ، فَلْيُشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهِ وَعَلَى مُرَاجَعَتِهِ وَيَسْتَغْفِرِ اللَّهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً قَالَ: مخرجه أن يعلم أنه قبل أمر اللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يُعْطِيهِ وَهُوَ يَمْنَعُهُ، وَهُوَ يَبْتَلِيهِ وَهُوَ يُعَافِيهِ، وَهُوَ يَدْفَعُ عَنْهُ، وَفِي قَوْلِهِ: وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ قَالَ: مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً قَالَ: يُنْجِيهِ مِنْ كُلِّ كَرْبٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَضَعَّفَهُ الذَّهَبِيُّ، مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً فِي رَجُلٍ مِنْ أَشْجَعَ كَانَ فَقِيرًا، خَفِيفَ ذَاتِ الْيَدِ، كَثِيرَ الْعِيَالِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
اتَّقِ اللَّهَ وَاصْبِرْ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ ابْنٌ لَهُ بِغَنَمٍ كَانَ الْعَدُوُّ أَصَابُوهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَنْهَا وَأَخْبَرَهُ خَبَرَهَا، فَقَالَ: كُلْهَا، فَنَزَلَتْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي أَسَرَهُ الْعَدُوُّ وَجَزِعَتْ أُمُّهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: آمُرُكَ وَإِيَّاهَا أَنْ تَسْتَكْثِرَا مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: نِعْمَ مَا أَمَرَكَ، فَجَعَلَا يُكْثِرَانِ مِنْهَا، فَتَغَفَّلَ عَنْهُ الْعَدُوُّ، فَاسْتَاقَ غَنَمَهُمْ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى أَبِيهِ، فَنَزَلَتْ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً» الْآيَةَ. وَفِي الْبَابِ رِوَايَاتٌ تَشْهَدُ لِهَذَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَائِشَةَ فِي الْآيَةِ قَالَتْ: يَكْفِيهِ هَمَّ الدُّنْيَا وَغَمَّهَا. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ فَجَعَلَ يُرَدِّدُهَا حَتَّى نَعَسْتُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَخَذُوا بِهَا لَكَفَتْهُمْ» وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ قَالَ: لَيْسَ الْمُتَوَكِّلُ الَّذِي يَقُولُ: تُقْضَى حَاجَتِي، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ مَا أَهَمَّهُ، وَدَفَعَ عَنْهُ مَا يَكْرَهُ، وَقَضَى حَاجَتَهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ جَعَلَ فَضْلَ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَوَكَّلْ أَنْ يُكَفِّرَ عنه سيئاته، ويعظم له أجرا، وفي قوله: إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَالَ: يَقُولُ قَاضِي أَمْرِهِ عَلَى مَنْ تَوَكَّلَ وَعَلَى مَنْ لَمْ يَتَوَكَّلْ، وَلَكِنَّ الْمُتَوَكِّلَ يُكَفِّرُ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمُ لَهُ أَجْرًا، وَفِي قَوْلِهِ: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً قَالَ: يَعْنِي أَجَلًا وَمُنْتَهًى ينتهي إليه. وأخرج ابن المبارك والطيالسي وأحمد وعبد بن حميد
(١) . تبذو: تفحش في القول.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute