أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ يُسَهِّلْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ فَلْيُطَلِّقْ لِلسُّنَّةِ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا فِي الرَّجْعَةِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ فِي اجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا فِي تَوْفِيقِهِ لِلطَّاعَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَحْكَامِ، أَيْ: ذَلِكَ الْمَذْكُورُ مِنَ الْأَحْكَامِ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ أَيْ: حُكْمُهُ الَّذِي حَكَمَ بِهِ بَيْنَ عِبَادِهِ وَشَرْعُهُ الَّذِي شَرَعَهُ لَهُمْ، وَمَعْنَى أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى رَسُولِهِ وَبَيَّنَهُ لَكُمْ وَفَصَّلَ أَحْكَامَهُ وَأَوْضَحَ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ بِتَرْكِ مَا لَا يَرْضَاهُ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ الَّتِي اقْتَرَفَهَا، لِأَنَّ التَّقْوَى مِنْ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ لِلذُّنُوبِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً أَيْ: يُعْطِهِ مِنَ الْأَجْرِ فِي الْآخِرَةِ أَجْرًا عَظِيمًا وَهُوَ الْجَنَّةُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ فَأَتَتْ أَهْلَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ فَقِيلَ لَهُ: رَاجِعْهَا فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَهِيَ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي الْجَنَّةِ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ مُرْسَلًا. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: طَلَّقَ عَبْدُ يَزِيدَ أَبُو رَكَانَةَ أُمَّ رُكَانَةَ، ثُمَّ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مُزَيْنَةَ، فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُغْنِي عَنِّي إِلَّا مَا تُغْنِي عَنِّي هَذِهِ الشَّعْرَةُ، لِشَعْرَةٍ أَخَذَتْهَا مِنْ رَأْسِهَا، فَأَخَذَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِيَّةٌ عِنْدَ ذَلِكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكَانَةَ وَإِخْوَتَهُ، ثُمَّ قَالَ لِجُلَسَائِهِ: أَتَرَوْنَ كَذَا مِنْ كَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ يَزِيدَ: طَلِّقْهَا، فَفَعَلَ، فَقَالَ لِأَبِي رُكَانَةَ: ارْتَجِعْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي طَلَّقْتُهَا، قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ فارتجعها، فنزلت:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ قَالَ الذَّهَبِيُّ: إِسْنَادُهُ وَاهٍ، وَالْخَبَرُ خَطَأٌ، فَإِنَّ عَبْدَ يَزِيدَ لَمْ يُدْرِكِ الْإِسْلَامَ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ، وَقَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قِبَلِ عِدَّتِهِنَّ» » . وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي الْمُصَنَّفِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: «فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قِبَلِ عِدَّتِهِنَّ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَ: «فَطَلِّقُوهُنَّ لِقِبَلِ عِدَّتِهِنَّ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَرَأَ كَذَلِكَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِهِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ كَذَلِكَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ لِلسُّنَّةِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا فِي غَيْرِ جِمَاعٍ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ قَالَ: طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ. وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ قَالَ: الطَّلَاقُ طَاهِرًا فِي غَيْرِ جِمَاعٍ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عن ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قَالَ: خُرُوجُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ بَيْتِهَا هِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute