أَعْمَلُهَا سَفِينَةً فَيَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَقُولُونَ يَعْمَلُ سَفِينَةً فِي الْبَرِّ، وَكَيْفَ تَجْرِي؟ قَالَ: سَوْفَ تَعْلَمُونَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا وَفَارَ التَّنُّورُ وَكَثُرَ الْمَاءُ فِي السِّكَكِ خَشِيَتْهُ أُمُّ الصَّبِيِّ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، فَخَرَجَتْ إِلَى الْجَبَلِ حَتَّى بَلَغَتْ ثُلُثَهُ، فَلَمَّا بَلَغَهَا الْمَاءُ خَرَجَتْ حَتَّى اسْتَوَتْ عَلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمَاءُ رَقَبَتَهُ رَفَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهَا حَتَّى ذَهَبَ بِهَا الْمَاءُ، فَلَوْ رَحِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ أَحَدًا لَرَحِمَ أُمَّ الصَّبِيِّ» . وَقَدْ ضَعَّفَهُ الذَّهَبِيُّ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَلَى مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي صِفَةِ السَّفِينَةِ وَقَدْرِهَا أَحَادِيثُ وَآثَارٌ لَيْسَ فِي ذِكْرِهَا هَنَا كَثِيرُ فَائِدَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ قَالَ: هُوَ الْغَرَقُ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ قَالَ: هُوَ الْخُلُودُ فِي النَّارِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ بَيْنَ دَعْوَةِ نُوحٍ وَبَيْنَ هَلَاكِ قَوْمِهِ ثَلَاثُمِائَةِ سَنَةٍ، وَكَانَ فَارَ التَّنُّورُ بِالْهِنْدِ وَطَافَتْ سَفِينَةُ نُوحٍ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: التَّنُّورُ: الْعَيْنُ الَّتِي بِالْجَزِيرَةِ عَيْنُ الْوَرْدَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: فَارَ التَّنُّورُ مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِ كِنْدَةَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ نَحْوُ هَذَا مِنْ طُرُقٍ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أبي حاتم وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: التَّنُّورُ: وَجْهُ الْأَرْضِ، قِيلَ لَهُ: إِذَا رَأَيْتَ الْمَاءَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَارْكَبْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي وَجْهَ الْأَرْضِ تَنُّورَ الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيِّ وَفارَ التَّنُّورُ قَالَ: طَلَعَ الْفَجْرُ قِيلَ لَهُ: إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَارْكَبْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ. وَقَدْ رُوِيَ فِي تَفْسِيرِ التَّنُّورِ غَيْرُ هَذَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ إِلَى ذَلِكَ. وَرُوِيَ فِي صِفَةِ الْقِصَّةِ وَمَا حَمَلَهُ نُوحٌ فِي السَّفِينَةِ، وَكَيْفَ كَانَ الْغَرَقُ، وَكَمْ بَقِيَتِ السَّفِينَةُ عَلَى ظَهْرِ الْمَاءِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها قَالَ: حِينَ يَرْكَبُونَ وَيَجْرُونَ وَيُرْسُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ تَرْسِيَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَأَرْسَتْ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ تَجْرِيَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَجَرَتْ.
وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ السُّنِّيِّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الْغَرَقِ إِذَا رَكِبُوا الْفُلْكَ أَنْ يَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الرَّحْمَنِ. بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا. إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِلَى آخَرِ الْآيَةِ» . وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ مَرْفُوعًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ اسْمُ ابْنِ نُوحٍ الَّذِي غَرِقَ كَنْعَانَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ ابْنُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي النِّيَّةِ وَالْعَمَلِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ قَالَ:
لَا نَاجٍ إِلَّا أَهْلُ السَّفِينَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَرَّةَ فِي قَوْلِهِ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ قَالَ: بَيْنَ ابْنِ نُوحٍ وَالْجَبَلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ يا أَرْضُ ابْلَعِي قَالَ:
هُوَ بِالْحَبَشِيَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فِي ابْلَعِي قَالَ بِالْحَبَشِيَّةِ: أَيِ ازْدَرِدِيهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَعْنَاهُ: اشْرَبِي، بِلُغَةِ الْهِنْدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute