مِنْهَا شَيْئًا عَلَى بَعْضِ خَلْقِكَ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ بَقِيَّتَهَا، فَأَنَّى أُطِيقُ شُكْرَكَ! وَكَيْفَ أَسْتَطِيعُ تأدية أَدْنَى شُكْرِ أَدْنَاهَا فَكَيْفَ أَسْتَطِيعُ أَعْلَاهَا؟ فَكَيْفَ أَسْتَطِيعُ شُكْرَ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِهَا؟ ثُمَّ بَيَّنَ لِعِبَادِهِ بِأَنَّهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ خَافِيَةٌ، فَقَالَ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ أَيْ: تُضْمِرُونَهُ مِنَ الْأُمُورِ وَما تُعْلِنُونَ أَيْ:
تُظْهِرُونَهُ مِنْهَا، وَفِيهِ وَعِيدٌ وَتَعْرِيضٌ وَتَوْبِيخٌ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْإِلَهَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالسِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ لَا كَالْأَصْنَامِ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا، فَإِنَّهَا جَمَادَاتٌ لَا شُعُورَ لَهَا بِشَيْءٍ مِنَ الظَّوَاهِرِ فَضْلًا عَنِ السَّرَائِرِ فَكَيْفَ يَعْبُدُونَهَا؟
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ قَالَ: مَا خَلَقَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا مِنَ الدَّوَابِّ، وَالشَّجَرِ وَالثِّمَارِ نِعَمٌ مِنَ اللَّهِ مُتَظَاهِرَةٌ فَاشْكُرُوهَا لِلَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا يَعْنِي حِيتَانَ الْبَحْرِ وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها قَالَ: هَذَا اللُّؤْلُؤُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا قَالَ: هُوَ السَّمَكُ وَمَا فِيهِ مِنَ الدَّوَابِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: لَيْسَ فِي الْحُلَى زَكَاةٌ، ثُمَّ قَرَأَ: وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها. أَقُولُ: وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ. وَالَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الزَّكَاةِ حَتَّى يَرِدَ الدَّلِيلُ بِوُجُوبِهَا فِي شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ فتلزم، وقد ورد في الذهب والفضة ما هُوَ مَعْرُوفٌ، وَلَمْ يَرِدْ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوَاخِرَ قَالَ: جِوَارِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مَواخِرَ قَالَ: تَشُقُّ الْمَاءَ بِصَدْرِهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الضحّاك مَواخِرَ قَالَ: تَشُقُّ الْمَاءَ بِصَدْرِهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ مَواخِرَ قَالَ: السَّفِينَتَانِ تَجْرِيَانِ بِرِيحٍ وَاحِدَةٍ مُقْبِلَةٌ وَمُدْبِرَةٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ قَالَ: هِيَ التِّجَارَةُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: رَواسِيَ قَالَ: الْجِبَالُ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ قَالَ: حَتَّى لَا تَمِيدَ بِكُمْ، كَانُوا عَلَى الْأَرْضِ تَمُورُ بِهِمْ لَا تَسْتَقِرُّ، فَأَصْبَحُوا صُبْحًا وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ الْجِبَالَ، وَهِيَ الرَّوَاسِي أَوْتَادًا فِي الْأَرْضِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَسُبُلًا قَالَ: السُّبُلُ هِيَ الطُّرُقُ بَيْنَ الْجِبَالِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْخَطِيبُ عَنْ قَتَادَةَ وَسُبُلًا قَالَ: طُرُقًا، وَعَلاماتٍ قَالَ: هِيَ النُّجُومُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي الْآيَةِ قَالَ: عَلَامَاتُ النَّهَارِ الْجِبَالُ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عن الْكَلْبِيِّ وَعَلاماتٍ قَالَ: الْجِبَالُ: وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلاماتٍ يَعْنِي مَعَالِمَ الطُّرُقِ بِالنَّهَارِ، وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ يَعْنِي بِاللَّيْلِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ قَالَ: اللَّهُ هُوَ الْخَالِقُ الرَّازِقُ، وَهَذِهِ الْأَوْثَانُ الَّتِي تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تُخْلَقُ وَلَا تَخْلُقُ شَيْئًا ولا تملك لأهلها ضرّا ولا نفعا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute