للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ آخَرُ:

فَلَيْتَ فُلَانًا كَانَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ... وَلَيْتَ فُلَانًا كَانَ وُلْدَ حِمَارِ

وَقِيلَ: الْوُلْدُ بِالضَّمِّ لِلْجَمْعِ وَبِالْفَتْحِ لِلْوَاحِدِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ هَذَا الْكَافِرَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا أَنَّهُ يُؤْتَى ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: فِي الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: إِنْ أَقَمْتُ عَلَى دِينِ آبَائِي لَأُوتَيَنَّ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: لَوْ كُنْتُ عَلَى بَاطِلٍ لَمَا أُوتِيتُ مَالًا وَوَلَدًا كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ كَلَّا حَرْفُ رَدْعٍ وَزَجْرٍ أَيْ: لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ هَذَا الْكَافِرُ مِنْ أَنَّهُ يُؤْتَى المال والود سَيُكْتَبُ مَا يَقُولُ، أَيْ: سَنَحْفَظُ عَلَيْهِ مَا يَقُولُهُ فَنُجَازِيهِ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ سَنُظْهِرُ مَا يَقُولُ، أَوْ سَنَنْتَقِمُ مِنْهُ انْتِقَامَ مَنْ كُتِبَتْ مَعْصِيَتُهُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا أَيْ: نَزِيدُهُ عَذَابًا فَوْقَ عَذَابِهِ مَكَانَ مَا يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ مِنَ الْإِمْدَادِ بِالْمَالِ وَالْوَلَدِ، أَوْ نُطَوِّلُ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَهُوَ عَذَابُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ أَيْ: نُمِيتُهُ فَنَرِثُهُ الْمَالَ وَالْوَلَدَ الَّذِي يَقُولُ إِنَّهُ يُؤْتَاهُ. وَالْمَعْنَى: مُسَمَّى مَا يَقُولُ وَمِصْدَاقُهُ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: نَحْرِمُهُ مَا تَمَنَّاهُ وَنُعْطِيهِ غَيْرَهُ وَيَأْتِينا فَرْداً أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا مَالَ لَهُ وَلَا وَلَدَ، بَلْ نَسْلُبُهُ ذَلِكَ، فَكَيْفَ يَطْمَعُ فِي أَنْ نُؤْتِيَهُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِمَا يَقُولُ نَفْسُ الْقَوْلِ لَا مُسَمَّاهُ، وَالْمَعْنَى: إِنَّمَا يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا أَمَتْنَاهُ حُلْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَهُ، وَيَأْتِينَا رَافِضًا لَهُ مُنْفَرِدًا عَنْهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً قَالَ: قُرَيْشٌ تَقُولُهُ لَهَا وَلِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: خَيْرٌ مَقاماً قَالَ: الْمَنَازِلُ وَأَحْسَنُ نَدِيًّا قَالَ: الْمَجَالِسُ، وَفِي قَوْلِهِ: أَحْسَنُ أَثاثاً قال: المتاع والمال وَرِءْياً قَالَ: الْمَنْظَرُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا فَلْيَدَعْهُ اللَّهُ فِي طُغْيَانِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ فِي حَرْفِ أُبَيٍّ:

«قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَإِنَّهُ يَزِيدُهُ اللَّهُ ضَلَالَةً» . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا فِي قَوْلِهِ: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ مِنْ حَدِيثِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا قَيِّنًا «١» وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ، قَالَ: فَإِنِّي إِذَا مِتُّ ثُمَّ بُعِثْتُ جِئْتَنِي وَلِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ فَأُعْطِيكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَرْجُو بِهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ قَالَ: مَالُهُ وولده.


(١) . أي حدّادا.

<<  <  ج: ص:  >  >>