وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ قَالَ:
النَّفْخَةُ الْآخِرَةُ، وَفِي إِسْنَادِهِ الْعَوْفِيُّ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ لَا يَهُولُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ رَاضُونَ، وَرَجُلٌ كَانَ يُؤَذِّنُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَعَبْدٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ» . وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: كَطَيِّ السِّجِلِّ قَالَ: مَلَكٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَطِيَّةَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: السِّجِلُّ: مَلَكٌ، فَإِذَا صَعِدَ بِالِاسْتِغْفَارِ قَالَ: اكْتُبُوهَا نُورًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ قَالَ: السِّجِلُّ: مَلَكٌ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: السِّجِلُّ: كَاتِبٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِبٌ يُسَمَّى السِّجِلَّ، وَهُوَ قَوْلُهُ: يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ قَالَ: كَمَا يَطْوِي السِّجِلُّ الْكِتَابَ كَذَلِكَ نَطْوِي السَّمَاءَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْخَطِيبُ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِبٌ يُقَالُ لَهُ السِّجِلُّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ بَعْدَ إِخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ: وَهَذَا مُنْكَرٌ جِدًّا مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، لَا يَصِحُّ أَصْلًا. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ أَيْضًا. وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنِ الْحُفَّاظِ بِوَضْعِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، مِنْهُمْ شَيْخُنَا الحافظ الكبير أبو الحجّاج المزي، وقد أفردت لهذا الْحَدِيثِ جُزْءًا لَهُ عَلَى حِدَةٍ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. قال: وقد تصدّى الإمام أبو جعفر ابن جَرِيرٍ لِلْإِنْكَارِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَرَدَّهُ أَتَمَّ رَدٍّ، وَقَالَ: وَلَا نَعْرِفُ فِي الصَّحَابَةِ أَحَدًا اسْمُهُ سِجِلُّ، وَكُتَّابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا مَعْرُوفِينَ، وَلَيْسَ فِيهِمْ أَحَدٌ اسْمُهُ السِّجِلُّ، وَصَدَقَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى نَكَارَةِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَأَمَّا مَنْ ذَكَرَ فِي أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ هَذَا فَإِنَّمَا اعْتَمَدَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ لَا عَلَى غَيْرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ السِّجِلَّ هُوَ الصَّحِيفَةُ، قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَالْعَوْفِيُّ عَنْهُ. وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكِتَابِ، أَيْ: عَلَى الْكِتَابِ، يَعْنِي الْمَكْتُوبَ، كقوله:
فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ «١» أَيْ: عَلَى الْجَبِينِ، وَلَهُ نَظَائِرُ فِي اللُّغَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْتُ: أَمَّا كَوْنُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَا، فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ وَالْعَوْفِيَّ ضَعِيفَانِ، فَالْأَوْلَى التَّعْوِيلُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ. وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
السِّجِلِّ هُوَ الرَّجُلُ، زَادَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ قَالَ: كَطَيِّ الصَّحِيفَةِ عَلَى الْكِتَابِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ يَقُولُ: نُهْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ كَمَا كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
(١) . الصافات: ١٠٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute