للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: تَرَكَ النَّاسُ ثَلَاثَ آيَاتٍ لَمْ يَعْمَلُوا بهنّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ، وَالْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ الْآيَةَ، وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحُجُرَاتِ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ «١» . وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ قَالَ: إِذَا خَلَا الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ صَبِيٌّ وَلَا خَادِمٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْغَدَاةَ، وَإِذَا خَلَا بِأَهْلِهِ عِنْدَ الظُّهْرِ فَمِثْلَ ذَلِكَ. وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي الدُّخُولِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ فَأَمَّا مَنْ بَلَغَ الْحُلُمَ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الرَّجُلِ وَأَهْلِهِ إِلَّا بِإِذْنٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنْهُ أَيْضًا: أَنْ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنِ الِاسْتِئْذَانِ فِي الثَّلَاثِ الْعَوْرَاتِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِنَّ اللَّهَ سِتِّيرٌ يُحِبُّ السَّتْرَ» وَكَانَ النَّاسُ لَيْسَ لَهُمْ سُتُورٌ عَلَى أَبْوَابِهِمْ وَلَا حِجَابٌ فِي بُيُوتِهِمْ، فَرُبَّمَا فَجَأَ الرَّجُلَ خَادِمُهُ أَوْ وَلَدُهُ أَوْ يَتِيمٌ فِي حِجْرِهِ وَهُوَ عَلَى أَهْلِهِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَأْذِنُوا فِي تِلْكَ الْعَوْرَاتِ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ اللَّهُ بَعْدُ بِالسُّتُورِ، فَبَسَطَ عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْقِ، فَاتَّخَذُوا السُّتُورَ وَاتَّخَذُوا الْحِجَابَ، فَرَأَى النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَفَاهُمْ مِنَ الِاسْتِئْذَانِ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ قَالَ: هِيَ عَلَى الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّخْصِيصِ، فَالِاطِّلَاعُ عَلَى الْعَوْرَاتِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ كَمَا يَكْرَهُهُ الْإِنْسَانُ مِنَ الذُّكُورِ يَكْرَهُهُ مِنَ الْإِنَاثِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بَعْضِ أزواج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآيَةِ قَالَتْ: نَزَلَتْ فِي النِّسَاءِ أَنْ يَسْتَأْذِنَّ عَلَيْنَا. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْآيَةِ قَالَ: النِّسَاءُ فَإِنَّ الرِّجَالَ يستأذنون. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أبي عبد الرحمن السلمي في هذه الآية قال: هي في النساء خاصة، الرجال يستأذنون على كل حال بالليل والنهار. وأخرج الفريابي عن موسى بن أبي عائشة قَالَ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَمَنْسُوخَةٌ هِيَ؟ قَالَ: لَا. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَأَسْتَأْذِنُ عَلَى أُخْتَى؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: إِنَّهَا فِي حِجْرِي

وَإِنِّي أُنْفِقُ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا مَعِي فِي الْبَيْتِ أَأَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ الْآيَةَ، فَلَمْ يُؤْمَرْ هَؤُلَاءِ بِالْإِذْنِ إِلَّا فِي هَؤُلَاءِ الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ، قَالَ: وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَالْإِذْنُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ خَلْقِ اللَّهِ أَجْمَعِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: عَلَيْكُمْ إِذْنٌ عَلَى أُمَّهَاتِكُمْ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ عَنْهُ قَالَ: يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ عَلَى أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَخِيهِ وَأُخْتِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنْ رَجُلًا قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَأَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إِنِّي مَعَهَا فِي الْبَيْتِ، قَالَ: أستأذن عليها، قال: إني خادمها


(١) . الحجرات: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>