للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ:

وَعَاذِلَةٍ هَبَّتْ بليل تلومني ... ولم يعتمرني قَبْلَ ذَاكَ عَذُولُ

وَقِيلَ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ إِذَا عَايَنُوا جَهَنَّمَ، وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: إِذَا نَفَخَ النَّفْخَةَ الْأُولَى رُفِعَ الْعَذَابُ عَنْ أَهْلِ الْقُبُورِ وَهَجَعُوا هَجْعَةً إِلَى النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ، وَجُمْلَةُ: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ جَوَابٌ عَلَيْهِمْ مِنْ جِهَةِ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ كَلَامِ الْكَفَرَةِ يُجِيبُ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. قَالَ بِالْأَوَّلِ الْفَرَّاءُ، وَبِالثَّانِي مُجَاهِدٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ مِنْ قَوْلِ الله سبحانه، وما فِي قَوْلِهِ: مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ مَوْصُولَةٌ وَعَائِدُهَا مَحْذُوفٌ وَالْمَعْنَى: هَذَا الَّذِي وَعَدَهُ الرَّحْمَنُ، وَصَدَقَ فِيهِ الْمُرْسَلُونَ قَدْ حَقَّ عَلَيْكُمْ، وَنَزَلَ بِكُمْ، وَمَفْعُولَا الْوَعْدِ وَالصِّدْقِ مَحْذُوفَانِ: أَيْ وَعَدَكُمُوهُ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَكُمُوهُ الْمُرْسَلُونَ، وَالْأَصْلُ وَعَدَكُمْ بِهِ، وَصَدَقَكُمْ فِيهِ، أو وعدناه الرحمن، وصدقنا الْمُرْسَلُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ مِنْ قَوْلِ الْكُفَّارِ إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً أَيْ: مَا كَانَتْ تِلْكَ النَّفْخَةُ الْمَذْكُورَةُ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً صَاحَهَا إِسْرَافِيلُ بِنَفْخَةٍ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ أَيْ: فَإِذَا هُمْ مُجْمُوعُونَ مُحْضَرُونَ لَدَيْنَا بِسُرْعَةٍ لِلْحِسَابِ وَالْعِقَابِ فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ مِنَ النُّفُوسِ شَيْئاً مِمَّا تَسْتَحِقُّهُ، أَيْ: لَا يَنْقُصُ مِنْ ثَوَابِ عَمَلِهَا شَيْئًا مِنَ النَّقْصِ، وَلَا تُظْلَمُ فِيهِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَيْ: إِلَّا جَزَاءَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَهُ فِي الدُّنْيَا، أَوْ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَهُ، أَيْ: بِسَبَبِهِ، أَوْ: فِي مُقَابَلَتِهِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ الْآيَةَ قَالَ: فِي سَفِينَةِ نُوحٍ حَمَلَ فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ قَالَ: السُّفُنُ الَّتِي فِي الْبَحْرِ وَالْأَنْهَارِ الَّتِي يَرْكَبُ النَّاسُ فِيهَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ قَالَ: هِيَ السُّفُنُ جُعِلَتْ مِنْ بَعْدِ سَفِينَةِ نُوحٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ: يَعْنِي الْإِبِلَ خَلَقَهَا اللَّهُ كَمَا رَأَيْتَ، فَهِيَ سُفُنُ الْبَرِّ يَحْمِلُونَ عَلَيْهَا وَيَرْكَبُونَهَا. وَمِثْلُهُ عَنِ الْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، وَمُجَاهِدٍ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ: فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً الْآيَةَ قَالَ: تَقُومُ السَّاعَةُ وَالنَّاسُ فِي أَسْوَاقِهِمْ يَتَبَايَعُونَ وَيَذْرَعُونَ الثِّيَابَ وَيَحْلِبُونَ اللِّقَاحَ، وَفِي حَوَائِجِهِمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ وَالرَّجُلُ يَذْرَعُ الثَّوْبَ، وَالرَّجُلُ يَحْلِبُ النَّاقَةَ، ثُمَّ قَرَأَ: فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا، فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ، وَلَا يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلَا يَسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهُ فَلَا يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أَكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا» . وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا قَالَ: يَنَامُونَ قَبْلَ الْبَعْثِ نومة.

<<  <  ج: ص:  >  >>