«صَوَّرَكُمْ» بِضَمِّ الصَّادِ وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَأَبُو رَزِينٍ بِكَسْرِهَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالصِّوَرُ بِكَسْرِ الصَّادِ لُغَةٌ فِي الصُّوَرِ بِضَمِّهَا وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَيِ: الْمُسْتَلَذَّاتِ ذلِكُمُ الْمَبْعُوثُ بِهَذِهِ النُّعُوتِ الْجَلِيلَةِ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ أَيْ: كَثْرَةُ خَيْرِهِ وَبَرَكَتِهِ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ أَيِ: الْبَاقِي الَّذِي لَا يَفْنَى الْمُنْفَرِدُ بِالْأُلُوهِيَّةِ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أَيِ: الطَّاعَةَ وَالْعِبَادَةَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قَالَ الْفَرَّاءُ: هو خبر وفيه إضمار أمره، أَيِ: احْمَدُوهُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. قَالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِنَّ الدَّجَّالَ يَكُونُ مِنَّا فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَيَكُونُ فِي أَمْرِهِ فَعَظِّمُوا أَمْرَهُ، وَقَالُوا: نَصْنَعُ كَذَا وَنَصْنَعُ كَذَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبالِغِيهِ قَالَ: لَا يَبْلُغُ الَّذِي يَقُولُ: فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ فَأَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يَتَعَوَّذَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ الدَّجَّالِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ فِي الْآيَةِ قَالَ:
هُمُ الْيَهُودُ نَزَلَتْ فِيهِمْ فِيمَا يَنْتَظِرُونَهُ مِنْ أَمْرِ الدَّجَّالِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:
إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ قَالَ: عَظَمَةُ قُرَيْشٍ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، ثُمَّ قَرَأَ وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي قَالَ: عَنْ دُعَائِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْخَطِيبُ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ قَالَ: وَحِّدُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْآيَةِ قَالَ: اعْبُدُونِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ الِاسْتِغْفَارُ» وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَأَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدْعُ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» . وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ، وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ» . وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَفْضَلُ العبادة الدعاء، قرأ وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أَيُّ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: دُعَاءُ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلْيَقُلْ عَلَى أَثَرِهَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute