بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَالْفَكِهُ: طَيِّبُ النَّفْسِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدُّخَانِ، وَيُقَالُ لِلْأَشِرِ وَالْبَطِرِ، وَلَا يُنَاسِبُ التَّفْسِيرُ بِهِ هُنَا وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ مَعْطُوفٌ عَلَى آتَاهُمْ، أَوْ عَلَى خَبَرِ إِنَّ، أَوِ الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ بِإِضْمَارِ قَدْ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً أَيْ: يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ، وَالْهَنِيءُ: مَا لَا تَنْغِيصَ فِيهِ وَلَا نَكَدَ وَلَا كَدَرَ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ ليهنئكم ما صرتم إليه هنيئا وَالْمَعْنَى: كُلُوا طَعَامًا هَنِيئًا، وَاشْرَبُوا شَرَابًا هَنِيئًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَنِيئًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَقِيلَ: مَعْنَى هَنِيئًا: أَنَّكُمْ لَا تَمُوتُونَ مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ انْتِصَابُهُ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ كُلُوا، أَوْ مِنْ مَفْعُولِ آتَاهُمْ، أَوْ مِنْ مَفْعُولِ وَقَاهُمْ، أَوْ مِنَ الْضَمِيرِ الْمُسْتَكِنِ فِي الظَّرْفِ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي فَاكِهِينَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: عَلى سُرُرٍ بِضَمِّ الرَّاءِ الْأُولَى. وقرأ أبو السمال: بِفَتْحِهَا، وَالسُّرُرُ: جَمْعُ سَرِيرٍ. وَالْمَصْفُوفَةُ: الْمُتَّصِلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ حَتَّى تَصِيرَ صَفًّا وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ أَيْ:
قَرَنَّاهُمْ بِهَا. قَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ: تَقُولُ الْعَرَبُ زَوَّجْتُهُ امْرَأَةً وَتَزَوَّجْتُ بِامْرَأَةٍ، وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ زَوَّجْتُهُ بِامْرَأَةٍ. قَالَ: وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ أَيْ: قَرَنَّاهُمْ بِهِنَّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: زَوَّجْتُهُ بِامْرَأَةٍ لُغَةُ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْحُورِ الْعِينِ فِي سُورَةِ الدُّخَانِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِحُورٍ عِينٍ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ. وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ بِإِضَافَةِ الْحُورِ إِلَى الْعِينِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالطُّورِ قَالَ: جَبَلٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطُّورُ: جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ الْجَنَّةِ» وَكَثِيرٌ: ضَعِيفٌ جِدًّا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ قَالَ: فِي الْكِتَابِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، لَا يَعُودُونَ إليه حتى تقوم الساعة» ، وفي الصحيحين وغير هما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في حديث الإسراء بعد مجاوزه إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ: «ثُمَّ رُفِعَ إِلَيَّ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ» . وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمَصَاحِفِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ سَأَلَ عَلِيًّا عَنِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فَقَالَ: ذلك الضراح بيت فوق سبع سماوات تَحْتَ الْعَرْشِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر وَرَفَعَهُ. قَالَ: إِنَّ الْبَيْتَ الْمُعْمُورَ لَبِحِيَالِ الْكَعْبَةِ، لَوْ سَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ لَسَقَطَ عَلَيْهَا، يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَضَعَّفَ إِسْنَادَهُ السُّيُوطِيُّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِ: وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ قَالَ:
السَّمَاءُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِ:
وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ قَالَ: بَحْرٌ فِي السَّمَاءِ تَحْتَ الْعَرْشِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمَسْجُورُ: الْمَحْبُوسُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ قَالَ: الْمَسْجُورُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute