حَاتِمٍ عَنْهُ بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
قَالَ: سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَيَدَيْهِ وَرَجْلَيْهِ وَجَوَارِحِهِ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
قَالَ: وَلَوْ تَجَرَّدَ مِنْ ثِيَابِهِ.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، فَكَانَ يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ مَخَافَةَ أَنْ يَتَفَلَّتَ مِنْهُ يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
قَالَ: يَقُولُ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ ثُمَّ تَقْرَأَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ
يَقُولُ: إِذَا أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْكَ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
فَاسْتَمَعْ لَهُ وأنصت ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ أن نبيّه بِلِسَانِكَ، وَفِي لَفْظٍ: عَلَيْنَا أَنْ نَقْرَأَهُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ. وَفِي لَفْظٍ: اسْتَمِعْ، فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فَإِذا قَرَأْناهُ
قَالَ: بَيَّنَّاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
يَقُولُ:
اعْمَلْ بِهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ قَالَ: عُجِّلَتْ لَهُمُ الدُّنْيَا شَرُّهَا وَخَيْرُهَا، وَغُيِّبَتِ الْآخِرَةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قَالَ: نَاعِمَةٌ. وَأَخْرَجَ ابن المنذر، والآجري في الشريعة، واللالكائي فِي السُّنَّةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الرُّؤْيَةِ، عَنْهُ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قَالَ: يَعْنِي حُسْنَهَا إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ قَالَ: نَظَرَتْ إِلَى الْخَالِقِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَيْضًا إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ قَالَ:
تَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ رَبِّهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ- إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ قَالَ: يَنْظُرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ بِلَا كَيْفِيَّةٍ وَلَا حَدٍّ مَحْدُودٍ وَلَا صِفَةٍ مَعْلُومَةً» . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ:
«هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ» . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ. وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ أَحَادِيثَ الرُّؤْيَةِ مُتَوَاتِرَةٌ فَلَا نُطِيلُ بِذِكْرِهَا، وَهِيَ تَأْتِي فِي مُصَنَّفٍ مُسْتَقِلٍّ، وَلَمْ يَتَمَسَّكْ مَنْ نَفَاهَا وَاسْتَبْعَدَهَا بِشَيْءٍ يَصْلُحُ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ لَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يُنْظَرُ إِلَى جِنَانِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَنَعِيمِهِ وَخَدَمِهِ وَسُرُرِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ غَدْوَةً وَعَشِيَّةً، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ- إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ» . وأخرجه أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِهِ بِلَفْظِ: «إِنَّ أَفْضَلَهُمْ مَنْزِلَةً لَيَنْظُرُ فِي وَجْهِ اللَّهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» . وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا، قَالَ: هَلْ تَرَوْنَ الشَّمْسَ فِي يَوْمٍ لَا غَيْمَ فِيهِ، وَتَرَوْنَ الْقَمَرَ فِي لَيْلَةٍ لَا غَيْمَ فِيهَا؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَزَّ وجلّ، حتى إن أحدكم